تي-دوم : خط الدفاع الأول لتايوان ضد الطائرات والصواريخ الصينية

التعرف الى نظام T-Dome

في ظل تصاعد محاولات الصين لفرض سيطرتها على تايوان شرعت قيادة الجزيرة ذاتية الحكم في تخصيص ميزانيات غير مسبوقة لتعزيز قدراتها العسكرية، بما في ذلك شراء طائرات مقاتلة وصواريخ متقدمة، ضمن خطة شاملة لمواجهة أي تهديد محتمل.ومن بين أكثر الاستثمارات طموحاً في هذا الإطار، يأتي نظام الدفاع الجوي المتقدم المعروف باسم T-Dome، الذي صُمم خصيصاً لحماية تايوان من الهجمات الجوية بمختلف أنواعها. وقد تداولت فكرة هذا النظام داخل الأوساط العسكرية لسنوات عديدة، إلا أن تصاعد التوترات على طول مضيق تايوان زاد من الحاجة الملحة لتطوير قدرات دفاعية متقدمة، ما جعل المشروع يتحول من فكرة نظرية إلى خطة استراتيجية عملية.

ففي تشرين الاول/ أكتوبر الماضي، وبعد أسابيع قليلة من عرض عسكري بارز في الصين استعرض خلاله أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية المتطورة، أعلن رئيس تايوان لاي تشينغ-تيه عن نية حكومته إنشاء نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات يُعرف باسم T-Dome. رغم أن العديد من تفاصيل هذا النظام لا تزال غير معلنة، ولم يُحدد بعد التمويل النهائي للمشروع، إلا أن الهدف الرئيسي منه جلي تمامًا، ويتمثل في إنشاء شبكة دفاعية متكاملة قادرة على اكتشاف وتتبع وتدمير الطائرات المسيّرة، والصواريخ، والقذائف، وكل أنواع الطائرات على مختلف الارتفاعات والمديات، بما يضمن حماية شاملة للمجال الجوي لتايوان, بحسب بلومبيرغ.

تسعى تايوان إلى دمج جميع معداتها الدفاعية الحالية في شبكة واحدة مترابطة، لتسريع الاستجابة للتهديدات، وزيادة فعالية الرصد، وتحسين دقة اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ المشروع على مراحل متدرجة خلال عدة سنوات، مع التركيز على تطوير القدرات تدريجيًا وربط الأنظمة المختلفة، ما يتيح تحقيق أعلى مستوى من التنسيق والتكامل في الدفاع الجوي، ويضمن استعداد الجزيرة التام لمواجهة أي تهديد محتمل.

كيفية عمل نظام T-Dome

يُصمم نظام T-Dome بشكل أساسي لمواجهة أي محاولة صينية للسيطرة على تايوان بالقوة، ويأتي ذلك ضمن استراتيجية شاملة تعرف باسم “سلسلة الجزر”، التي تهدف بالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا إلى الحد من قدرة القوات الصينية على التوغل والوصول إلى المحيط الهادئ المفتوح.

ويُعد الدفاع الجوي الحالي لتايوان قادرًا على التعامل مع بعض أنواع الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، إلا أنه قد يواجه صعوبة كبيرة في التصدي للهجمات الجماعية، خصوصًا الصواريخ الرخيصة أو أسراب الطائرات المسيّرة.

وتكمن الميزة الأساسية لنظام T-Dome في التكامل الكامل بين أجهزة الرصد وأنظمة الإطلاق، أي القدرة على ربط الصواريخ التايوانية والرادارات المختلفة عبر منصة قيادة مركزية موحدة، تقوم بتقديم توصيات فورية لتحديد الهدف الأنسب لكل تهديد. وبفضل هذا التكامل، يمكن للدفاعات التايوانية مواجهة العديد من التهديدات في الوقت نفسه، مع تجاهل التهديدات غير المهمة، مما يُسهم في ترشيد استخدام الذخائر وزيادة كفاءة العمليات الدفاعية.

ويتم جمع البيانات من الرادارات وأجهزة الاستشعار وتحليلها في منصة مركزية، لتحديد أفضل سلاح لاعتراض كل تهديد بشكل فعال. ويساهم هذا التنسيق في تقليل إطلاق أكثر من صاروخ واحد على الهدف نفسه، مع تحسين إدارة الموارد العسكرية بشكل عام.

فعلى سبيل المثال، إذا اكتشف النظام طائرة مسيّرة تدخل المجال الجوي لتايوان، فسوف يقرر استخدام صاروخ قصير المدى لمواجهتها، بدلًا من صاروخ بعيد المدى أكثر تكلفة ومخصص للأهداف عالية القيمة، ما يعكس كفاءة التوظيف التكتيكي للموارد الدفاعية, بحسب ما نشرت بلومبيرغ.

الجهة المزودة لنظام T-Dome

حتى الآن، لم تصدر أي تأكيدات رسمية بشأن مزود نظام T-Dome، إلا أن تقارير إعلامية تايوانية ذكرت أن وزارة الدفاع التايوانية تتعاون مع السفارة الأميركية الفعلية في خطوة تهدف إلى شراء نظام قيادة المعركة الدفاعية المتكاملة للصواريخ والجو (IBCS) من شركة نورثروب جرومان، وذلك كأول عملية شراء ضمن مشروع T-Dome.

ويُعد نظام IBCS مستخدمًا حاليًا من قبل الجيش الأميركي، ويجري نشره كذلك في بولندا. ومن المتوقع أن يتيح هذا النظام لتايوان دمج صواريخها المحلية مع الأنظمة الأميركية ضمن منصة قيادة موحدة، ما يعزز قدرة الجيش على التنسيق الفعال بين مختلف مكونات الدفاع الجوي وتحسين سرعة الاستجابة ودقة اعتراض التهديدات، بما يسهم في رفع مستوى الحماية الشاملة للمجال الجوي للجزيرة.

كيفية عمل نظام الدفاع الحالي في تايوان

تمتلك تايوان مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع الجوي، تجمع بين الأنظمة الأميركية والمصممة محليًا، بهدف التعامل مع التهديدات الصينية المختلفة والمتنوعة.

بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية:

النسخة PAC-2 مصممة لاعتراض صواريخ كروز منخفضة الارتفاع، والتي تستخدم محركات نفاثة وتستطيع المناورة لتفادي الرصد الراداري.

النسخة PAC-3 أكثر تقدمًا، وتستطيع التصدي لكل من الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى، وكذلك صواريخ كروز، على ارتفاعات تصل إلى نحو 50 كيلومترًا. هذه الصواريخ الباليستية قد تحمل رؤوسًا حربية تقليدية أو نووية، وتُعرف بصعوبة اعتراضها.

أنظمة Sky Bow II و III المحلية:

تُستخدم لاعتراض الأهداف على ارتفاعات تتراوح بين 20 و50 كيلومترًا، وبمدى يصل إلى نحو 200 كيلومتر، وهي مخصصة بشكل أساسي للتصدي للصواريخ الباليستية الصينية مثل DF-16.

ومن المخطط أن يبدأ الإنتاج الكمي لنظام Sky Bow IV في العام المقبل، ليكون قادرًا على تدمير الصواريخ في الغلاف الجوي العلوي على ارتفاع نحو 70 كيلومترًا فوق سطح الأرض.

نظام NASAMS:

هو نظام دفاع جوي مشترك بين النرويج والولايات المتحدة، مصمم للتعامل مع التهديدات على ارتفاع أقل من 20 كيلومترًا، ويشمل الطائرات، والطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز.

حالياً، تعمل جميع هذه الأنظمة بشكل مستقل ومنفصل عن بعضها البعض، ما قد يؤدي إلى بعض المشكلات مثل إطلاق صواريخ غير فعّالة، أو قيام أكثر من نظام واحد باستهداف نفس التهديد، وهو ما يستهلك الذخيرة ويقلل من كفاءة الدفاع الجوي بشكل عام, بحسب ما نشرت بلومبيرغ.

تكلفة نظام T-Dome

لم يتم الإعلان عن أي رقم رسمي لتكلفة مشروع T-Dome بعد، إلا أن التقديرات تشير إلى أن المشروع قد يتجاوز 1 تريليون دولار تايواني (أي ما يعادل نحو 32 مليار دولار أميركي)، وتشمل هذه التكلفة شراء صواريخ إضافية وأنظمة اعتراض متنوعة لتعزيز منظومة الدفاع الجوي.

وللمقارنة، فقد بلغت تكلفة نظام IBCS الذي تم شحنه إلى بولندا نحو 900 مليون دولار أميركي. ومن المتوقع أن يتم تمويل جزء من مشروع T-Dome من ميزانية خاصة بقيمة 1.25 تريليون دولار تايواني (41.7 مليار دولار أميركي تقريبًا), مقترحة على مدى ثماني سنوات، ضمن خطة متكاملة لتعزيز قدرات الدفاع الجوي للجزيرة بشكل تدريجي.

أنظمة مماثلة لنظام T-Dome حول العالم

تعتبر إسرائيل من الدول الرائدة في مجال أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات، حيث تمتلك شبكة متكاملة تشمل Iron Dome، المصمم لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، وDavid’s Sling الذي يتصدى للصواريخ متوسطة المدى، بالإضافة إلى Arrow المخصص لاعتراض الصواريخ الباليستية طويلة المدى.

أما في آسيا، فتمتلك دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند أنظمة دفاع جوي متعددة الطبقات، لكنها لا تعمل بشكل متكامل ضمن شبكة واحدة كما هو مخطط في نظام T-Dome التايواني، مما يحد من التنسيق الكامل بين مختلف مكونات الدفاع الجوي في تلك الدول, بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.

سعر الصرف 1 دولار أميركي ≈ 31.3 دولار تايواني