Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

قمة الاتحاد الأوروبي: تمويل أوكرانيا وصفقة ميركوسور تواجه تحديات كبرى

صفقة ميركوسور-تمويل اوكرانيا

يسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى تجاوز العقبات الكبيرة التي تواجه كل من خطة تمويل أوكرانيا والاتفاق التجاري الضخم مع دول أميركا الجنوبية خلال القمة المزمع عقدها في بروكسل اعتبارًا من يوم الخميس، مؤكدين أن سمعة التكتل الأوروبي ومصداقيته الدولية على المحك.

ويكتسب هذا الاجتماع أهمية استثنائية غير مسبوقة في ظل اقتراب الاتحاد الأوروبي من مواعيد نهائية حاسمة تتعلق بكل من التمويل الأوكراني والاتفاقية التجارية، ما يجعل نتائج القمة حاسمة لتحديد قدرة التكتل على اتخاذ قرارات فعالة في القضايا الاستراتيجية الكبرى.

ويشير المسؤولون إلى أن خطط التمويل المخصصة لأوكرانيا قد تواجه خطر الانهيار الكامل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال القمة، ما سيضطر الأطراف المعنية للعودة إلى المراحل الأولية للمفاوضات وإعادة النظر في جميع الخيارات المطروحة, بحسب بلومبيرغ.

وفي الوقت نفسه، قد يدخل الاتفاق التجاري مع مجموعة ميركوسور التي تضم الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي مرحلة من الجمود الطويل الأمد إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من المصادقة عليه قبل مراسم التوقيع المقررة بشكل مؤقت يوم السبت، مما يهدد بإبطاء مسار العلاقات التجارية الأوروبية مع أميركا الجنوبية لفترة غير محددة.قد يؤدي أي فشل في تحقيق التقدم سواء في خطة تمويل أوكرانيا أو في إقرار الاتفاق التجاري مع ميركوسور إلى الإضرار بسمعة الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية، خصوصًا في الوقت الذي يسعى فيه التكتل لإثبات قدرته على الانخراط بفعالية في حواراته مع كل من الولايات المتحدة والصين. وتكتسب مسألة أوكرانيا أهمية بالغة، لا سيما في ظل توقف الدعم المالي الأميركي، ونفاد الموارد المالية المتاحة لدى كييف.

فضلاً عن الضغوط المستمرة التي تمارسها واشنطن لإجبار الحكومة الأوكرانية على تقديم تنازلات قد تصب في مصلحة روسيا، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويضع الاتحاد الأوروبي أمام اختبار حاسم لمصداقيته وقدرته على اتخاذ القرارات الاستراتيجية, وفقا لبلومبيرغ.

وحذر المستشار الألماني فريدريش ميرتس يوم الثلاثاء، في سياق حديثه عن قرض أوكرانيا، قائلاً: "لن نخدع أنفسنا، إذا فشلنا في إنجاز هذا الأمر، فإن قدرة الاتحاد الأوروبي على التحرك واتخاذ القرارات ستتأثر بشكل كبير لسنوات قادمة. وسيظهر للعالم أننا، في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، عاجزون عن الوقوف موحدين والعمل للدفاع عن نظامنا السياسي في القارة.".

ويزيد من تعقيد المشهد التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة بشأن القواعد الرقمية والرسوم الجمركية، ما يرفع من احتمالية اندلاع صراع تجاري جديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويضع التكتل أمام تحديات إضافية في حماية مصالحه الاقتصادية واستقرار أسواقه.

نقاط رئيسية تستحق المتابعة خلال المباحثات:

إمكانية استخدام الاتحاد الأوروبي للأصول الروسية لدعم أوكرانيا:

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاستفادة من مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة على أراضيه، بغرض تمويل قرض بقيمة 90 مليار يورو (ما يعادل نحو 106 مليار دولار) لمساعدة أوكرانيا على مواجهة التحديات المالية المستعصية التي تعانيها في الوقت الحالي.

الا أن المفوضية الأوروبية، باعتبارها الذراع التنفيذي للاتحاد، لم تنل بعد دعم بلجيكا وهو دعم أساسي لا سيما وأن هذا البلد يستضيف الجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة والبالغة قيمتها نحو 210 مليارات يورو (247.8 مليار دولار) على أراضي الاتحاد الأوروبي. وتصر الحكومة البلجيكية على الحصول على ضمانات تحميها من أي مسؤوليات مالية محتملة في حال قامت موسكو بالانتقام أو نجحت في استعادة هذه الأصول عبر القضاء.

فيما فشلت المفاوضات المكثفة التي جرت هذا الأسبوع في كسر حالة الجمود، مما يضع المسؤولية كاملة على عاتق قادة الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل سريع وفعال. وإذا لم يتمكنوا من ذلك، سيضطر الاتحاد إلى النظر في خيارات تمويل مؤقتة مع إعادة تقييم خطته طويلة المدى، في ظل غياب أي بدائل أخرى تراها الجهات المسؤولة قابلة للتطبيق على أرض الواقع, وفق بلومبيرغ..

موقف فرنسا وإيطاليا من صفقة ميركوسور:

فبات الاتحاد الأوروبي على أعتاب إتمام أكثر من عشرين عامًا من المفاوضات التجارية مع مجموعة ميركوسور، لكن المصادقة النهائية لا تزال رهينة قرار قادة التكتل، وسط تحديات كبيرة تعيق التقدم.

وفرنسا وإيطاليا تصران على معارضتهما، مشيرتين إلى أن الصفقة قد تضع المزارعين الأوروبيين في مواجهة منافسة خارجية غير عادلة. كما يواجه القادة احتجاجات واسعة من آلاف المزارعين في بروكسل، الذين يرفعون شعارات ويشاركون في مسيرات رفضًا لإبرام الاتفاق، ما يضيف مزيدًا من الضغوط على القمة لاتخاذ قرار حاسم, بحسب بلومبيرغ.

في سياق متصل، عمل البرلمان الأوروبي والعواصم الأعضاء على تسريع جهودهم خلال هذا الأسبوع لتعزيز الحماية للمزارعين الأوروبيين، في محاولة لاستمالة الدول والمتشككين قبل مراسم التوقيع المقررة يوم السبت.

وقد مر الاتفاق بعدة تأجيلات حتى الآن، ويعتبر البعض أي تأجيل إضافي بمثابة اختبار نهائي للصبر وقد يؤدي إلى فشل الاتفاق. ومع سعي كل من الولايات المتحدة والصين لتعزيز نفوذهما في أمريكا الجنوبية، فإن أي إخفاق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي سيحمل دلالات رمزية قوية تؤثر على مكانته الاستراتيجية والتجارية في المنطقة.

وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا خلال اجتماع وزاري عقد يوم الأربعاء في برازيليا: "لقد أوضحت مسبقًا أن البرازيل لن تسعى لإتمام هذه الصفقة خلال فترة رئاستي إذا لم يتم إنجازها الآن". وأضاف: "تم تأجيل الاجتماع إلى 20 كانون الاول/ديسمبر بناءً على طلب الاتحاد الأوروبي، والآن يتم إعلامي بأنهم لن يتمكنوا من المصادقة عليها على أي حال. الوضع معقد للغاية", وفقا لبلومبيرغ.

إمكانية بناء مقاتلة مشتركة بين ألمانيا وفرنسا

على هامش القمة، من المتوقع أن يجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لمناقشة سبل إنقاذ مشروع تطوير مقاتلة مشتركة يُعرف باسم نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)، وهو المشروع الذي أصبح رمزًا للتحديات التي تواجه أوروبا في قطاع الدفاع والانقسامات العميقة داخل صناعة الأسلحة.

وقد شهدت الشركات الألمانية والفرنسية المكلفة بتنفيذ المشروع، وهما إيرباص وداسو أفياسيون، خلافات كبيرة حول طريقة تقسيم مراحل الإنتاج ومسؤوليات كل طرف. ومن المرجح أن يختار الزعيمان في النهاية نهجًا بديلًا يقوم على بناء المقاتلات بشكل منفصل مع التركيز على تبادل التكنولوجيا والخبرات فقط، وهو ما يمثل تراجعًا عن الطموحات الأوروبية لتوسيع قاعدة صناعتها الدفاعية وتحقيق تكامل أكبر في هذا القطاع الاستراتيجي, بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.

هل تلوح حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟

خلال عشاء القمة المقرر يوم الخميس، من المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي العلاقات التجارية المتوترة مع الولايات المتحدة، والتي تصاعدت مؤخرًا بشكل ملحوظ. فقد كثفت إدارة ترامب هذا الأسبوع حملتها ضد اللوائح الرقمية الأوروبية، مهددة بفرض غرامات انتقامية مباشرة على شركات الاتحاد الأوروبي.

ويأتي هذا التصعيد بعد أسابيع من الانتقادات الأميركية المتزايدة تجاه القوانين الأوروبية المنظمة للأنشطة الرقمية والأسواق الالكترونية، بالإضافة إلى الضرائب الرقمية المحلية والغرامات التي تفرضها المفوضية الأوروبية. وتؤكد الإدارة الأميركية أن سياسات الاتحاد الأوروبي تتعمد الإضرار بشركات التكنولوجيا الأميركية، مشددة على أنها لن ترفع التعرفة الجمركية بنسبة 50% على منتجات الصلب والألمنيوم إلا إذا قام الاتحاد الأوروبي بتغيير نهجه والسياسات المرتبطة بها، ما يرفع من احتمالات اندلاع نزاع تجاري جديد يهدد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

ويعتبر هذا الوضع تحديًا عاجلًا للعديد من الشركات الأوروبية، التي تشير إلى أن الرسوم الجمركية تعيق قدرتها على تصدير معداتها وآلاتها إلى الولايات المتحدة. وإذا شرعت واشنطن أيضًا في فرض الغرامات المهددة، فإن ذلك قد يؤدي إلى تجدد النزاع التجاري بين الجانبين، بعد فترة وجيزة من التوصل إلى هدنة اقتصادية هدأت خلالها التوترات لفترة مؤقتة, نقلا عن بلومبيرغ.