ضغوط المعيشة تعيد البريطانيين للعمل: اللا نشاط يتراجع إلى 21%

أفادت بلومبيرغ، اليوم الخميس، أن ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا بدأ يدفع أعدادًا متزايدة من الأشخاص غير النشطين اقتصاديًا إلى العودة لسوق العمل، في تطور لافت يعيد تشكيل صورة سوق العمل البريطاني.
ورغم تسجيل ارتفاع جديد في معدل البطالة، أشار وزير الدولة البريطاني ستيفن كينوك إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في البطالة بحد ذاتها، بل في اللا نشـاط الاقتصادي، مؤكدًا أن «الأشخاص القادرين على العمل يجب أن يكونوا جزءًا من سوق العمل»، وهو موقف يحظى بدعم في أوساط الحكومة وبنك إنجلترا.
إلا أن أحدث بيانات سوق العمل تشير إلى أن هذه الأزمة قد تكون بدأت بالتراجع. فبينما ارتفع معدل البطالة أي الباحثين عن عمل تراجع معدل اللا نشـاط الاقتصادي، الذي يشمل الأشخاص غير العاملين وغير الباحثين عن وظائف، ليصل إلى 21%، وهو مستوى قريب من ما قبل جائحة كورونا، وأدنى من المستويات التي سادت طوال عقد 2010.
ويمثل هذا التراجع انخفاضًا من ذروة بلغت 22.2% بعد الجائحة مباشرة، وهي الظاهرة التي جعلت بريطانيا حالة شاذة مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى.
ولا يزال عدد الخارجين من سوق العمل بسبب المرض طويل الأمد مرتفعًا عند 2.8 مليون شخص، غير أن هذا الارتفاع جرى تعويضه بالكامل بانخفاض ملحوظ في أعداد المتقاعدين مبكرًا، وكذلك الأشخاص الذين تركوا العمل لرعاية الأسرة. ويعكس هذا التحول الضغوط المالية المتزايدة التي تواجهها الأسر البريطانية.
وقال مارتن بيك، كبير الاقتصاديين في شركة WPI Strategy، إن «هؤلاء أشخاص يضطرون للخروج إلى العمل، بينما كانوا سيبقون في منازلهم لولا ضيق الأوضاع المالية»، مضيفًا أن هذه العوامل قد تعكس مشكلات أعمق أثرت في الاقتصاد البريطاني.
وأجبرت معدلات التضخم المرتفعة خلال السنوات الماضية كثيرين على إعادة التفكير في ضرورة العمل، رغم بدء وتيرة ارتفاع الأسعار بالانحسار مؤخرًا.
وتكتسب اتجاهات المشاركة في سوق العمل أهمية خاصة لدى صانعي القرار في بنك إنجلترا، إذ إن تراجع المعروض من العمالة بعد الجائحة ساهم في زيادة الضغوط التضخمية نتيجة ضيق سوق العمل. كما تحوّل هذا الملف إلى قضية سياسية ساخنة في وستمنستر، حيث تسعى الحكومة إلى ضبط تكاليف الرعاية الاجتماعية، وأطلقت تحقيقًا حول لا نشـاط الشباب بقيادة وزير الصحة السابق آلان ميلبرن.
وتستند هذه الأرقام إلى مسح القوى العاملة الصادر عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS)، والذي واجه انتقادات تتعلق بالدقة، بعد تعليق نشره مؤقتًا في أواخر عام 2023. إلا أن المكتب أكد تحسن موثوقية البيانات عقب زيادة عدد المشاركين في المسح.
وتتوافق نتائج المسح مع تحليلات أخرى، إذ أشار بنك إنجلترا الشهر الماضي إلى أن بيانات مسح وظائف القوى العاملة تعكس أيضًا معدل مشاركة قريبًا من المستويات التي أظهرها مسح القوى العاملة.
وكتب ناي كومينيتي وهانا سلاوتر، الاقتصاديان في مؤسسة Resolution Foundation، أن مشكلة اللا نشـاط الاقتصادي في بريطانيا «تكمن في تعثر التقدم، لا في تدهور شامل»، مشيرين إلى أن انخفاض اللا نشـاط بسبب التقاعد أو رعاية الأسرة يمثل امتدادًا لاتجاه طويل الأمد.
