أضعف نمو لمبيعات التجزئة في الصين خارج «كوفيد» يعمّق مخاطر الاقتصاد

سجّلت الصين في تشرين الثاني/نوفمبر أضعف نمو لمبيعات التجزئة خارج فترة جائحة «كوفيد»، بالتزامن مع استمرار تراجع الاستثمارات، ما يسلّط الضوء على اختلالات متزايدة في مسار النمو ويعزّز المخاوف من تصاعد التوترات التجارية، رغم بقاء الصادرات داعمًا رئيسيًا للنشاط الاقتصادي.
وفقاً لمصادر بلومبيرغ اليوم , أظهرت البيانات الرسمية أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 1.3% فقط على أساس سنوي في تشرين الثاني/نوفمبر، وهي أبطأ وتيرة مسجّلة خارج فترة الجائحة، وجاءت دون جميع توقعات المحللين التي أشارت إلى نمو بنحو 2.9%. في المقابل، واصل إنتاج المصانع أداءه المتماسك نسبيًا، مدعومًا بازدهار الصادرات.
وفي الوقت نفسه، خيّبت استثمارات الأصول الثابتة الآمال، إذ انكمشت بنسبة 2.6% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام، ما يضعها على مسار تسجيل أول تراجع سنوي منذ عام 1998. ويشير ذلك إلى ضعف الطلب الداخلي واتساع فجوة النمو بين جانبي الإنتاج والاستهلاك.
واشار غاري نغ، كبير الاقتصاديين في «ناتيكسيس»، إن سياسات دعم الاستهلاك وسوق العقارات «غير كافية»، رغم أن تحقيق هدف نمو حقيقي يقارب 5% يبدو ممكنًا هذا العام، محذرًا من أن عام 2026 قد يكون أكثر صعوبة إذا استمرت الضغوط الحالية.
كما تفاعلت الأسواق بحذر مع البيانات؛ إذ تراجعت العقود الآجلة للسندات الصينية لأجل 30 عامًا بنسبة 0.7% لتقترب من أدنى مستوياتها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فيما واصلت الأسهم في هونغ كونغ خسائرها، مع انخفاض مؤشر «هانغ سنغ لأسهم الشركات الصينية» بما يصل إلى 1.3%.
ووفقاً لبلومبيرغ , يبرز عجز الصين عن تحفيز إنفاق المستهلكين مخاطر خارجية إضافية، بعدما اعتمد الاقتصاد هذا العام بدرجة كبيرة على الطلب الأجنبي لتعويض ضعف الداخل، في ظل تصاعد الحمائية واحتدام التوترات التجارية عالميًا. ومن المتوقع أن تتباطأ الصادرات في الأشهر المقبلة بعد أداء قوي في 2025.
وعلى صعيد القطاعات، واصل العقار تدهوره مع اقتراب شركة «تشاينا فانكه» المدعومة من الدولة من شبح التعثر، فيما بلغ هبوط الاستثمار العقاري 16% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى. كما تسارع تراجع أسعار المنازل على أساس سنوي في تشرين الثاني/نوفمبر.
وأرجعت الهيئة الوطنية للإحصاء جزءًا من تباطؤ الاستهلاك إلى عوامل إحصائية، أبرزها ارتفاع قاعدة المقارنة بعد بدء دعم حكومي لشراء السلع الاستهلاكية أواخر 2024، إضافة إلى تقديم مشتريات «يوم العزاب» إلى تشرين الأول/أكتوبر. وأظهرت التفاصيل هبوط مبيعات الأجهزة المنزلية بنسبة 19%، وتراجع مبيعات السيارات 8%، في أكبر انخفاض منذ أيار/مايو 2022.
كما توحي أرقام الاستثمار بانكماش يقارب 11% في تشرين الثاني/نوفمبر على أساس سنوي، وفق تقديرات مؤسسات بحثية، مع تسجيل تراجع نادر في استثمارات البنية التحتية، نتيجة تشديد بكين الرقابة على اقتراض الحكومات المحلية وتركيز جزء كبير من إصدارات السندات على إعادة تمويل «الديون الخفية».
ختاماً , تشير مجمل المؤشرات إلى اقتصاد غير متوازن، تحافظ فيه الصادرات على زخم الإنتاج، بينما يرزح الطلب المحلي تحت ضغوط، ما يضغط على الأسعار ويستدعي تحركات أوسع لتعزيز الاستهلاك والاستثمار.
