لبنان يسجل حالات مؤكدة من الحمى القلاعية وسط مخاوف متزايدة على الأمن الغذائي

الحمى القلاعية التي تصيب المواشي (وزارة الزراعة)
أعلنت وزارة الزراعة اللبنانية تسجيل حالات مؤكدة من مرض الحمى القلاعية في عدد من مزارع المواشي، بعد أن أظهرت فحوص مخبرية أُجريت في مختبر الصحة الحيوانية التابع لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية نتائج إيجابية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تداعيات المرض على الثروة الحيوانية والأمن الغذائي في البلاد.
وقالت الوزارة إن الحمى القلاعية مرض فيروسي سريع الانتقال يصيب الحيوانات ذات الظلف المشقوق، مثل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز، مؤكدة أنه لا ينتقل إلى الإنسان ولا يؤثر على نوعية الحليب أو اللحوم.
ويأتي تسجيل الإصابات في لبنان بالتزامن مع رصد عترة جديدة من المرض في دول مجاورة، ما دفع وزارة الزراعة إلى تشكيل لجنة طوارئ للتنسيق مع الجهات المختصة والمنظمات الدولية واتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشار المرض.
وأوضحت الوزارة أن الإجراءات تشمل أخذ عينات من الحيوانات المشتبه بإصابتها، وإجراء التقصي الوبائي، إضافة إلى تحصين المواشي في محيط البؤر المكتشفة باستخدام اللقاحات المتوفرة. كما شددت على أن المواشي المستوردة تُلزم بالتلقيح قبل إدخالها عبر المرافئ الحدودية، لافتة إلى أن حملات تلقيح سابقة كانت قد نُفذت في لبنان ضد العترات المنتشرة في المنطقة.
ورغم أن المرض لا يشكل خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان، يحذّر مختصون من أن انتشاره قد يترك آثارًا سلبية واسعة على الأمن الغذائي، في بلد يعاني أصلًا من هشاشة في سلاسل الإمداد الزراعي. ويؤدي تفشي الحمى القلاعية عادة إلى انخفاض إنتاج الحليب بشكل ملحوظ نتيجة ضعف الحيوانات المصابة، إضافة إلى تراجع وزنها وإنتاجيتها، ما يقلص الكميات المعروضة في الأسواق المحلية.
كما يتسبب المرض بخسائر مالية كبيرة للمزارعين ومربّي المواشي، سواء نتيجة تراجع الإنتاج أو الكلفة المرتفعة للإجراءات الوقائية والعلاجية، الأمر الذي قد يدفع بعضهم إلى تقليص نشاطهم أو الخروج من القطاع نهائيًا. ويخشى أن ينعكس ذلك ارتفاعًا في أسعار الحليب ومشتقاته واللحوم، ما يزيد الضغوط المعيشية على المستهلكين في ظل الأزمة الاقتصادية.
ويشير خبراء إلى أن أي تراجع في الإنتاج المحلي قد يرفع مستوى الاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجات السوق، وهو خيار محفوف بالمخاطر في ظل تقلبات الأسعار العالمية، وصعوبات التمويل، وعدم استقرار سلاسل التوريد. كما أن زيادة الاستيراد قد تُضعف أكثر القدرة التنافسية للمنتج المحلي.
وتتجاوز المخاطر الجانب الاقتصادي لتطال الاستقرار الغذائي على المدى المتوسط، إذ إن تكرار تفشي الأمراض الحيوانية يهدد استدامة الثروة الحيوانية ويقوّض ثقة المربين بجدوى الاستثمار في هذا القطاع، ما ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي الوطني.
ويؤكد مختصون أن احتواء المرض بسرعة، وتعزيز برامج التلقيح والرقابة على حركة المواشي، تبقى عوامل أساسية للحد من الخسائر وحماية الإنتاج الغذائي في لبنان.
