بايدو تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي بفضل رقائق كونلونكسين وجاذبية المستثمرين

تتلقى شركة بايدو الرائدة في اطار البحث على الإنترنت في الصين، اهتمامًا متزايدًا من المحللين مدفوعة بالإمكانات الواعدة لإدراج وحدة الرقائق التابعة لها كونلونكسين في البورصة. ويُعتبر هذا التحول مشابهًا لما شهدته شركة ألفابت العالمية، التي كانت متأخرة في سباق الذكاء الاصطناعي قبل أن تستعيد مكانتها عبر أعمالها في قطاع أشباه الموصلات. ومع تركيز بايدو المتزايد على الرقائق، من المتوقع أن تعزز الشركة موقعها في المنافسة بين الصين والولايات المتحدة للهيمنة على سوق الذكاء الاصطناعي، ما يفتح أمامها آفاقًا جديدة للنمو والتأثير العالمي.
وفي الأسبوع الماضي, شهدت شركة بايدو اهتمامًا متزايدًا من كبار المحللين ، حيث اعتبرت كل من غولدمان ساكس وماكواري سيكيوريتيز أن الطرح المحتمل لوحدة الرقائق التابعة للشركة كونلونكسين، يمثل خطوة استراتيجية نحو تحرير القيمة الكامنة في أعمال بايدو. وتعكس هذه النظرة التفاؤلية ارتفاع متوسط السعر المستهدف للسهم المدرج في بورصة هونغ كونغ بنحو 60% منذ نهاية آب/أغسطس، ما يجعله ثالث أكبر ارتفاع بين أسهم مؤشر هانغ سنغ للتكنولوجيا خلال تلك الفترة، ويؤكد على تصاعد التوقعات الإيجابية تجاه مستقبل الشركة, بحسب بلومبيرغ.
وفي مذكرة صادرة بتاريخ 5 كانون الاول/ ديسمبر، أشارت المحللة إيللي جيانغ من ماكواري إلى أن الأسواق المالية تجاهلت إلى حد كبير التقدم الكبير الذي أحرزته بايدو في مسار التكامل الرأسي، بدءًا من تطوير الرقائق مرورًا ببنية السحابة، وصولًا إلى النماذج والتطبيقات الذكية. وأوضحت جيانغ أن أحدث مراجعة للقنوات أظهرت نموًا ملحوظًا في السوق المحلية للرقائق، مدعومًا بارتفاع الطلب على الاستنتاجات على مستوى التطبيقات، ما يعكس قوة التوجه الاستراتيجي للشركة في الاستفادة من الطفرة المتسارعة للذكاء الاصطناعي في الصين.
فشهدت أسهم شركة بايدو ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 47% منذ أن تلقت وحدة الرقائق التابعة لها كونلونكسين ، طلبات من شركة الصين موبايل المملوكة للدولة، ما منح عملياتها في قطاع الرقائق مصداقية أكبر ورفع ثقة المستثمرين في قدرتها على تحقيق النمو. وتعززت مكاسب الأسهم أكثر في وقت سابق من هذا الشهر بعد إعلان الشركة أنها تدرس طرح الوحدة في البورصة في هونغ كونغ، في خطوة من شأنها زيادة شفافية أعمالها وإبراز قيمة أصولها التقنية, وفقا لبلومبيرغ.
ورغم هذا الانتعاش، لا يزال سهم بايدو متأخرًا مقارنة بنظرائه من شركات الإنترنت العالمية خلال العامين الماضيين، نتيجة المخاوف المستمرة بشأن ضعف أداء أعمال الإعلان والتباطؤ العام في الاقتصاد الصيني. ومع ذلك، بدأ السهم يشهد علامات انتعاش جديدة بفضل النمو المتزايد لمساهمات أعمال الذكاء الاصطناعي في الشركة، ما أعاد جذب اهتمام المستثمرين ونقل التركيز نحو المحركات الجديدة للنمو بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الإعلان.أوضح شون يانغ، محلل شركة آريت ريسيرش آسيا، أن العمليات غير الإعلانية لشركة بايدو، بما في ذلك قطاع الرقائق وأنظمة القيادة الذاتية، من المرجح أن تصبح العنصر الأساسي في تقييم قيمة الشركة مستقبلاً. وأضاف أن تحقيق تحول ملموس في أعمال الإعلان التقليدية قد يكون صعبًا، إلا أن المحركات الجديدة للنمو قادرة على تعويض تباطؤ النشاط الإعلاني التقليدي، ما يجعل الاستثمار في بايدو جذابًا في ضوء هذه الديناميكيات الجديدة.
من جانبها، تقدر المحللة إيلي جيانغ من ماكواري أن حصة بايدو البالغة 59% في وحدة كونلونكسين تساوي حوالي 16.5 مليار دولار، أي نحو 30% من القيمة المستهدفة للشركة. وتتوقع جيانغ أن تتضاعف إيرادات وحدة الرقائق لتصل إلى نحو 1.4 مليار دولار العام المقبل، ما يضعها في مستوى مقارن بشركة كامبريكون تكنولوجيز، المصممة للرقائق والمعروفة بين المستثمرين الصينيين بلقب انفيديا الصين، مما يعكس إمكانات كبيرة للنمو وتعزيز مكانة بايدو في سوق أشباه الموصلات المحلي والدولي. وبرز أداء أسهم شركات أشباه الموصلات الصينية بشكل متفوق على أسهم شركات الإنترنت خلال العام الحالي، مدفوعة بالطفرة المستمرة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الدعم القوي الذي تقدمه الحكومة الصينية لشركة هواوي وعدد من شركات الرقائق المحلية المدرجة على القائمة السوداء الأميركية، في إطار استراتيجية بكين لتحقيق الاكتفاء التكنولوجي الذاتي وتعزيز القدرة التنافسية الوطنية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة, بحسب ما نشرت بلومبيرغ.
ومن بين أبرز الأمثلة على هذا الأداء، ارتفعت أسهم شركة كامبريكون بأكثر من 100% خلال عام 2025، وهو معدل يفوق ضعف مكاسب سهم بايدو، بينما تصدرت شركات تصنيع الرقائق مثل هوا هونغ سيميكندكتور وSMIC قائمة أفضل أداء ضمن مؤشر هانغ سنغ للتكنولوجيا هذا العام، ما يعكس القوة المتنامية لشركات الرقائق الصينية في ظل الطلب المتزايد على حلول الذكاء الاصطناعي والتوجه نحو الاستقلال التكنولوجي.
يشير شون يانغ من شركة آريت، الذي رفع توصية سهم بايدو إلى شراء في ايلول/ سبتمبر الماضي أن الطرح المحتمل لوحدة الرقائق كونلونكسين قد يشكل محفزًا قويًا لدفع السهم نحو مستويات أعلى في السوق. وتتمتع الوحدة بعدة مزايا استراتيجية مقارنة بالمنافسين المحليين؛ إذ تواجه شركة كامبريكون اختناقات في الطاقة الإنتاجية، بينما تعاني هواوي من قيود خارجية تحد من توسعها، ما يمنح بايدو هامشًا تنافسيًا في سوق الرقائق المحلي المتنامي, وفقا لبلومبيرغ.
وعلى الرغم من احتمالية تأجيل الطرح في البورصة، يتوقع أن تستفيد بايدو بشكل مباشر من زيادة مبيعات وحدة كونلونكسين واستخدام رقائقها في دعم وتشغيل حلول الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، خصوصًا في ظل عدم وضوح قدرة الشركات الصينية الكبرى على الوصول إلى أفضل معالجات انفيديا، مما يضع بايدو في موقع استراتيجي لتلبية الطلب المحلي على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة بأسعار وكفاءة منافسة.وفي مذكرة صادرة يوم الثلاثاء، أشار محللو جولدمان ساكس، من بينهم لينكولن كونغ، إلى أن منصة سحابة بايدو تمتلك القدرة على تقديم خيارات بديلة لمعالجة استنتاجات نماذج الذكاء الاصطناعي وحتى تنفيذ مهام التدريب، بأسعار تنافسية للغاية. وأكد المحللون أن التحول التدريجي للطلب على الرقائق نحو الاستخدام في الاستنتاجات يجعل وحدة الرقائق كونلونكسين التابعة لبايدو خيارًا جذابًا للمستخدمين، نظرًا لكفاءتها العالية في معالجة الاستنتاجات بكفاءة وأداء متميز.
وفي أبرز أخبار قطاع التقنية، شهدت أسهم شركة برودكوم، المنافسة لنفيديا في مجال إيرادات الحوسبة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، تراجعًا بعد أن جاءت توقعات مبيعاتها أقل من التقديرات المرتفعة للمستثمرين. كما هبطت أسهم شركة مور ثريدز تكنولوجي الصينية بنسبة تصل إلى 19% يوم الجمعة، بعد أن حذرت الشركة المستثمرين من المخاطر المرتفعة للتداول عقب مكاسب ضخمة حققتها في وقت سابق.
وفي سياق متصل، تدرس مجموعة سوفت بانك إمكانية الاستحواذ على عدد من الشركات من بينها مشغل مراكز البيانات Switch Inc., وذلك في إطار استراتيجية مؤسسها الملياردير ماسايوشي سون للاستفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي في قطاع البنية التحتية الرقمية وتعزيز موقع المجموعة في سوق التقنية العالمي, بحسب بلومبيرغ.
