تقرير إسرائيلي: مرحلة لبنانية جديدة

حزب الله في لبنان (انترنت)
اعتبر “معهد أبحاث الأمن القوميّ” الإسرائيليّ في تقرير جديد أنّ ما وصفه بـ”هزيمة حزب الله” في الحرب مع إسرائيل أدّت إلى ارتباكٍ سياسيّ في لبنان، وفتحت نافذة لتغيير داخليّ يقوده جوزاف عون ونوّاف سلام، رغم تقديره أنّ أضرار الحرب بلغت نحو ١١ مليار دولار. وأضاف التقرير أنّ لبنان، الذي كان يُصنَّف قبل الحرب دولةً فاشلة، يشهد اليوم تغيّرًا في ميزان القوى السياسيّ بين مؤيّدي الحزب ومعارضيه، مع بروز قيادة تركّز على الإصلاح، وإعادة بناء الاقتصاد والبنى التحتيّة، وتعزيز سيادة الدولة عبر معالجة سلاح الميليشيات.
وأشار التقرير إلى أنّ الحكومة الجديدة رفعت شعار تطبيق الإصلاحات وإطلاق مسار إعادة الإعمار، وربطت سياستها تجاه إسرائيل بالتزام “التنفيذ الكامل” لقرار مجلس الأمن الوارد في اتفاق الهدنة في آذار/مارس ١٩٤٩، وتثبيت وقف إطلاق النار في ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٤. كما لفت إلى أنّ الحكومة لم تتبنَّ رواية “المقاومة” التي يطرحها حزب الله، موضحًا أنّ مشاركة الكتلة الشيعية اقتصرت على خمسة وزراء فقط من أصل ٢٤، بينهم وزيران للحزب ووزيران لحركة أمل ووزير خامس مستقل.
وذكر التقرير أنّ الحكومة أقرت في جلسة ٥ آب/أغسطس قرارًا يقضي بجمع السلاح من كلّ الميليشيات وتسليمه للجيش، لكنّه لم يُنفَّذ بسبب معارضة حزب الله وتمسّكه بما وصفه التقرير بـ”قدرة الردع” الداخليّة، وتحذيره من خطر حرب أهليّة إذا جرى نزع سلاحه بالقوّة. وأضاف أنّ الجيش يواجه صعوبة في تنفيذ القرار بسبب حساسيّات داخلية، ما يدفع الحكومة إلى تجنّب المواجهة المباشرة واعتماد النهج الدبلوماسي.
وتحدّث التقرير عن استمرار الضربات الإسرائيليّة اليوميّة ضدّ مواقع حزب الله في الجنوب وبيروت والبقاع، مشيرًا إلى أنّ الحزب يركز حاليًا على إعادة التنظيم بدعمٍ إيرانيّ من دون الردّ العسكري، ويحاول تحميل الحكومة مسؤوليّة إدارة المواجهة والسعي لوقف الهجمات وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانيّة.
وفي خطوة وصفها التقرير بـ”الدّالة”، قال إنّ الحكومة سمّت الدبلوماسي سيمون كرم ممثّلًا لها في حوار اقتصاديّ مع طرف مدنيّ إسرائيلي خلال اجتماع اللجنة الخماسيّة في ٣ كانون الأوّل/ديسمبر، ما أثار انتقاد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في ٥ كانون الأوّل/ديسمبر الذي اعتبر الخطوة “تنازلًا” مجانيًّا. وربط التقرير هذه الخطوة بعوامل عدّة، منها خشية الحكومة من توسّع المواجهة، وضغط أميركيّ لنزع السلاح، واغتيال هيثم علي الطبطبائي في ٢٣ تشرين الثاني/نوفمبر، إضافة إلى زيارة البابا إلى لبنان في ٣٠ تشرين الثاني/نوفمبر. ونقل التقرير عن الرئيس عون قوله في ٥ كانون الأوّل/ديسمبر إنّ القرار يهدف إلى حماية لبنان ومنع العنف، مؤكّدًا “عدم التراجع عنه”.
وخَلص تقرير المعهد إلى أنّ ميزان القوى يتّجه، وفق تقديره، نحو ما يسمّيه “المعسكر السيادي” مقابل “معسكر المقاومة”، لكن من دون حدوث انقلاب جذري، مع التحذير من إمكانيّة تجدّد التصعيد. واقترح التقرير استمرار الضغط العسكريّ بالتوازي مع خطواتٍ سياسيّة لدعم الدولة اللبنانيّة وإضعاف حزب الله، بالتعاون مع أميركا، وتشمل تعزيز الجيش وربط ذلك بإصلاحات داخلية، وتوسيع التعاون الاقتصاديّ والسياسيّ، وطرح ترتيبات دوليّة جديدة على الحدود قبل انتهاء تفويض اليونيفيل في ٢٠٢٦.
