Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

أبو ظبي تصعد كقوة استثمارية عالمية بترليوناتها

photo_2025-12-08_19-14-09

لقد منح الثروات الضخمة لأبو ظبي نفوذاً غير مسبوق على الساحة المالية والطاقة والذكاء الاصطناعي عالمياً. لتنفيذ ذلك، قامت صناديق الثروة السيادية الثلاثة في الإمارة صندوق أبو ظبي للاستثمار ADIA، ومبادلة Mubadala، وADQ بعشرات الصفقات خلال السنوات الأخيرة، في إطار سعيها لاستثمار جزء من تريليونات دولة الإمارات وتقليل اعتماد اقتصادها على النفط، وفق تحليل أجرته وكالة بلومبيرغ لآلاف الأخبار والتقارير الرسمية وبيانات الصحافة. وبالإضافة إلى أدوات الاستثمار الأخرى في أبو ظبي، أصبحت هذه الصناديق من بين أكثر المستثمرين نشاطاً على مستوى العالم.

لا تستغرق الرحلة من طرف إلى آخر في أبو ظبي أكثر من 30 دقيقة بالسيارة، رحلة قصيرة تطل على أفق متلألئ ومياه الخليج الفيروزية، لكنها تضم كيانات تدير أكثر من 2 تريليون دولار، وهو مبلغ يفوق حجم اقتصاديات هولندا وسويسرا معاً. وعلى الرغم من صغر المدينة، يمتد تأثيرها المالي الآن عبر القارات.

إلى جانب الصناديق السيادية الثلاثة، أنشئت في السنوات الأخيرة كيانات جديدة لاستثمار مليارات الدولارات في قطاعات محددة، منها MGX المستثمر في الذكاء الاصطناعي بمقدار 100 مليار دولار، وXRG في الطاقة بـ151 مليار دولار، وLunate التي أصبحت في سنتين أكبر مدير لأصول البدائل في المنطقة. وقد استخدمت الإمارة ثروتها لتصبح قوة استثمارية هائلة في المالية والطاقة والذكاء الاصطناعي، ما يجعل كبار مسؤولي الاستثمار في العالم مثل لاري فينك من بلاك روك وبروس فلات من بروكفيلد يترددون على المدينة بانتظام.

خلال الأيام المقبلة، سيعود أبرز الأسماء من وول ستريت إلى أبو ظبي لحضور أسبوع أبو ظبي المالي السنوي، محاولين الاستفادة من الثروات الهائلة المتاحة. لكن على الرغم من صغر حجم المدينة، فإن التعامل مع شبكة الصناديق السيادية وشركات العائلة المالكة ومديري الأصول يمثل تحدياً حقيقياً.

قالت آنا ناسفالوفايت، الباحثة في صناديق الثروة السيادية في جامعة أكسفورد: “أصبحت أبو ظبي محطة أساسية في كل دورة تمويل كبرى. صناديق الثروة السيادية هناك أصبحت لاعبين محوريين في الأسهم الخاصة والبنية التحتية، وخصوصاً الائتمان الخاص، حيث تراجعت البنوك الغربية”.

كانت أبو ظبي تُعرف سابقاً كقرية صيد وغوص للؤلؤ حتى اكتشاف النفط في منتصف القرن العشرين، والآن تسيطر على نحو 6% من احتياطيات النفط العالمية، وتدر شركاتها الحكومية للطاقة مليارات الدولارات من الأرباح سنوياً. وتستثمر هذه الأموال بشكل كبير لتقليل اعتمادها على النفط، حيث تمثل الصناديق السيادية الثلاثة محور النشاط الاستثماري في الإمارة.

ويعتبر صندوق Mubadala Investment Co. الأكبر نشاطاً من بين الثلاثة، حيث أبرم أكثر من 300 صفقة في السنوات الخمس الماضية، وفق تحليل بلومبيرغ. وركز الصندوق خلال 2024 على القطاعات مثل الائتمان الخاص والذكاء الاصطناعي، واستثمر عشرات المليارات من الدولارات، ما جعله الأكثر نشاطاً عالمياً وفق Global SWF. وتستفيد Mubadala من عدد من الشركات التابعة مثل Abu Dhabi Investment Council، الذي توسع في الأصول الخاصة والعملات الرقمية، بما في ذلك مضاعفة استثماراته في صندوق متداول للبيتكوين.

أما ADQ البالغ حجم أصوله 263 مليار دولار، فيركز أكثر على السوق المحلية، إذ شملت أكثر من ثلث صفقاته الأخيرة شركات إماراتية. وعلى الرغم من صغر حجمه، فهو الأسرع نمواً، وقد تضاعفت أصوله خلال الأربع سنوات الماضية، ويملك محفظة متنوعة تشمل حصصاً في دار المزادات سوذبي وشركة الطيران الوطنية لأبو ظبي.

أما ADIA، صندوق أبو ظبي للاستثمار، الذي تأسس في 1976، فيُقدَّر حجم أصوله بنحو تريليون دولار، رغم عدم إعلان الصندوق عن أرقام رسمية. وقد أصبح ADIA لاعباً رئيسياً في الأسهم الخاصة وصناديق التحوط حول العالم، مستثمراً مليارات الدولارات في الهند لتعميق الروابط التجارية بين الإمارات والهند.

يقف وراء معظم هذه الصناديق الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبو ظبي وشقيق رئيس الدولة وابن مؤسسها، وهو رئيس ADIA وADQ وعدد من الكيانات الجديدة مثل MGX. ويشرف الشيخ على نحو ثلاثة أرباع ثروة الإمارة السيادية، إضافة إلى أهم شركات الاستثمار الخاصة والبنوك والشركات المدرجة في الإمارات.

شهدت السنوات الأخيرة صفقات واسعة عبر الصناعات المختلفة، بما في ذلك محاولات شراء Standard Chartered وLazard، رغم عدم إتمام الصفقتين، لكنها أبرزت نية أبو ظبي وضع بصمتها على المالية العالمية. وقد تحولت الاستثمارات مؤخراً نحو الذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع أن تتجاوز صفقات هذا القطاع حجم الاستثمارات التقليدية في الخدمات المالية لأول مرة. وتعمل Mubadala مع G42 لدعم MGX في صفقات ضخمة، مثل شراء Aligned Data Centers مقابل 40 مليار دولار بالتعاون مع BlackRock. كما تنشط ADIA وADQ في الذكاء الاصطناعي والمعادن الاستراتيجية اللازمة للتكنولوجيا، بينما تركز XRG على أنظمة الطاقة الأساسية لدعم مراكز البيانات.

يقول ديفيد بترايوس، الجنرال الأميركي السابق ورئيس فرع الشرق الأوسط لشركة KKR: “المستثمرون الإقليميون تطوروا بمرور الوقت، ومن الصعب أحياناً تجميع معلوماتهم لأن لكل منهم شخصية استثمارية مختلفة”. وقد أدى التكيف مع هذه الشبكة المعقدة من الصناديق إلى فرص كبيرة، مثل Brevan Howard التي أدارت نحو 10 مليارات دولار محلياً بعد التوسع في الإمارة، منها 2 مليار دولار استثمرت عبر Lunate في آب/آغسطس.

غير أن التعامل مع هذه الشبكة المعقدة يمثل تحدياً كبيراً للوافدين الجدد، حيث لا يمكن فهم كل صندوق بسهولة، ويحتاج المرء إلى معرفة دقيقة بكل صندوق على حدة، وفقاً لستيفان هووبس، الرئيس التنفيذي لمجموعة DWS التابعة لدويتشه بنك.

إلى جانب Mubadala وADQ، توجد كيانات أخرى مثل Mubadala Capital وPure Health وM42، ما يزيد من تعقيد المشهد الاستثماري في أبو ظبي. ولتجنب التضارب بين الصناديق المختلفة، هناك هيئة عليا تشرف على مقترحات الاستثمار وتنسيقها، لكنها لا تقلل من جاذبية الإمارة للمستثمرين بسبب حجم السيولة غير المسبوق الذي تمتلكه كيانات أبو ظبي.

كما يقول أمين بوشنتوف، المدير الاستثماري لشركة Atlas Mena Capital: “لا يوجد دليل أو خارطة يمكن الاعتماد عليها في أبو ظبي، فالنظام مبني على شبكة علاقات موثوقة على مدى سنوات وعقود، والاعتماد على الثقة أمر لا يُشترى بل يُكتسب”.

أبو ظبي تصعد كقوة استثمارية عالمية بترليوناتها | Ektisadi.com | Ektisadi.com