Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

ألمانيا تُسرّع جهودها لمكافحة الطائرات بدون طيار بعد زيادة إختراق المطارات

طائرات بدون طيار تخترق مطار ألمانيا (ai)

تعرّض ركاب طائرة قادمة إلى برلين لمفاجأة مزعجة حين بدأ محرك الطائرة بالعمل مجددًا والطائرة تدور فوق العاصمة الألمانية قبل الهبوط، بعد أن تم إغلاق مطار برلين براندنبورغ إثر بلاغ شاهد عن رؤية طائرة بدون طيار، بحسب ما ذكرت بلومبيرغ يوم السبت.

وقد تم تحويل الرحلة القادمة من لندن إلى درسدن، حيث بقيت الطائرة مع أخرى عالقة، وإضطر المسافرون إلى الإنتظار لساعات قبل مواصلة رحلاتهم. وكانت تلك الجمعة واحدة من العديد من الأيام هذا العام التي شهدت نشاط الطائرات بدون طيار في سماء ألمانيا، ما أدى أحيانًا إلى إغلاق كامل للمطارات. وحتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، تم الإبلاغ عن أكثر من 190 مشاهدة لطائرات بدون طيار بالقرب من المطارات، مما يجعل عام 2025 على وشك تسجيل رقم قياسي، وفق بلومبيرغ. وفي وقت سابق من الشهر ذاته، أدى إضطراب آخر مرتبط بالطائرات بدون طيار في ميونيخ إلى تعليق رحلات أكثر من 6,000 مسافر، ما دفع موظفي المطار إلى تجهيز أسرة مؤقتة وتوزيع المشروبات.

وفي خطوة غير معتادة في بلد يُعرف بإجراءاته البيروقراطية البطيئة، بدأت السلطات الألمانية في تعزيز الأمن الجوي بسرعة. يوم الثلاثاء، أطلقت وزارة الداخلية وحدة جديدة للطائرات بدون طيار لحماية البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المطارات، وأعلنت عن إنشاء مركز الدفاع المشترك للطائرات بدون طيار لتنسيق عمل قوات الشرطة المحلية والفيدرالية والبوندسفير لتقييم التهديدات وتوجيه تطوير التكنولوجيا، وفق بلومبيرغ.

وأوضح خبراء أن النشاط الحالي يختلف عن الماضي، إذ شملت بعض المشاهدات الأخيرة طائرات بدون طيار إحترافية، بما في ذلك واحدة يبلغ قطرها ثلاثة أمتار، وفق شخص مطلع رفض الكشف عن هويته لأن المعلومات ليست علنية.

ولا يقتصر الأمر على ألمانيا؛ فقد شهدت مطارات في بروكسل وكوبنهاغن وأوسلو خلال الأشهر الثلاثة الماضية إغلاقات مؤقتة وتحويل رحلات واسعة النطاق.

وقال يوشياك لاغ، المدير العام لجمعية الطيران الألمانية BDL: "تعامل قطاع الطيران مع هذه المشكلة بين الحين والآخر لسنوات، لكنه لم يصل أبدًا إلى مستوى الخطورة الذي شهدناه في الأشهر الأخيرة. واليوم لدينا أيضًا تهديدات فعلية حيث يقوم شخص بتوجيه طائرة بدون طيار إلى مطار بهدف إغلاقه".

وليس ذلك خطيرًا فحسب، بل مكلف أيضًا. ففي العام الماضي، أدت 9 من أصل 118 حادثة طائرة بدون طيار إلى تعليق كامل للرحلات، وفق أول تحليل منهجي أجراه المركز الألماني لأبحاث الفضاء. وإستمرت هذه الإغلاقات بمتوسط 32 دقيقة، وكلفت نحو نصف مليون يورو. وفي أكبر عشرة مطارات أوروبية، يمكن أن يكلف إغلاق المدرج لمدة 30 دقيقة ما يصل إلى 514,000 يورو، 554 ألف دولار أميركي حسب دراسة عام 2021، وفق بلومبيرغ.

وتملك بعض المطارات الألمانية أنظمة حماية بدائية للطائرات بدون طيار، لكن التغطية ليست شاملة. وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن تجهيز أهم ثمانية مطارات بأنظمة دفاع قائمة على الراديو ضد الطائرات بدون طيار.

وقال لاغ: "الشيء الإيجابي حقًا هو أن الدولة إستجابت بسرعة أكبر مما نتوقع عادة في حالة تهديد. ولهذا السبب قررنا الإشادة بذلك، وهو أمر نادرًا ما نقوم به".

ويعد التعامل مع الطائرات بدون طيار حول المطارات عملًا حساسًا، إذ يمكن أن يؤدي إستخدام الأسلحة وأجهزة التشويش إلى تعطيل أنظمة الطائرات. ولتقليل هذا الخطر، تُستخدم أحيانًا الشبكات الفيزيائية لإصطياد الطائرات. وقد تعتمد الأنظمة الجديدة في المطارات الألمانية هذه الطريقة، وفق هانز بيتر شتوخ، قائد مجموعة البحث في الدفاع ضد الطائرات بدون طيار في معهد فراونهوفر للإتصالات ومعالجة المعلومات والهندسة البشرية.

ويعتقد شتوخ أن ألمانيا ضمن النصف الأعلى من الدول الأوروبية من حيث الإستعداد، لكنه أضاف: "يمكننا أن نعتبر أنفسنا محظوظين لأن شيئًا لم يحدث حتى الآن سوى المشاهدات. لسنا على شفا الكارثة، لكن ما زال أمامنا طريق قبل أن نتمكن من السيطرة الكاملة على الإكتشاف".

ومع تزايد مشاهدات الطائرات بدون طيار، جذبت التكنولوجيا المزيد من الإستثمارات العامة والخاصة. ويأمل مشروع حكومي لدراسة أنظمة الدفاع المبتكرة ضد الطائرات بدون طيار في طرح مجموعة مستشعراته متعددة الوسائط، بما في ذلك الرادار وأجهزة التشويش، في منتجات تصل السوق في النصف الأول من 2026. وأفادت شركتا راينميتال AG وMBDA بأن نظام ليزر جديد للدفاع ضد الطائرات بدون طيار يقترب من مرحلة النشر، بحسب بلومبيرغ.

وتستثمر ألمانيا أيضًا عبر أسواق الدين في الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية وقدرات الدفاع المعتمدة على الذكاء الإصطناعي، وهو ما يعكس تحولًا في طريقة تفكير الحكومات بشأن الدفاع.. وقال أنتوني جليز، أستاذ وخبير أمني من جامعة باكنغهام: "حتى وقت قريب، كان قادة الدول يركزون على الأسلحة النووية والسفن الحربية والمقاتلات والصواريخ الباليستية. لقد غابت عنهم القدرة المدمرة للطائرات الصغيرة الرخيصة".

وفيما يتعلق بالجهات المحتملة وراء هذه الهجمات، أشار عدد من القادة الأوروبيين إلى روسيا، بما في ذلك المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي قال أنه يشتبه في أن روسيا مسؤولة عن معظم الحوادث وأن الهدف منها "إختبارنا"، نقلًا عن بلومبيرغ.

بينما يعتقد جليز أن روسيا تقف مباشرة أو غير مباشرة وراء الهجمات، يبقى آخرون متشككين، مشيرين إلى قلة الأدلة التي تربطها بموسكو. وقال دان لوماس، متخصص في الإستخبارات بجامعة نوتنغهام: "لا شك أن روسيا تشارك في بعض جوانب الحرب الهجينة في الغرب، لكن هناك عنصر أوسع، فليس كل ما يحدث يرجع إلى روسيا. عند إفتراض أن روسيا وراء كل هجمات الطائرات بدون طيار، فإنك تقوم دون قصد بأداء عمل الروس لهم".

سعر صرف 1 يورو = 1.08 دولار أميركي