Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

العالم يفقد الثقة بالقيادات النسائية رغم صعود النساء إلى المناصب العليا

Women Leadership (AI)

مع تصاعد حضور النساء في المناصب القيادية حول العالم، تظهر مؤشرات الثقة بالقيادات النسائية ركودًا ملحوظًا، مما يسلط الضوء على فجوة مستمرة بين الإنجازات الظاهرة والعقبات الخفية التي تواجهها المرأة في السلطة. في عام 2025، شهد العالم تولي نساء مناصب بارزة: نتومبو ناندي-ندايتواه أصبحت أول رئيسة لناميبيا، وساناي تاكايتشي أول رئيسة وزراء لليابان، وكاثرين كونولي رئيسة لإيرلندا، في سباق كان منافسها الرئيسي أيضًا امرأة.

اليوم، تقود النساء حكومات ودولًا في الدنمارك وآيسلندا والهند وإيطاليا والمكسيك وبيرو وسويسرا وتايلاند، فيما تمثل النساء أكثر من 27% من أعضاء البرلمانات حول العالم، وهو رقم قياسي جديد. كذلك ارتفعت نسبة الرئيسات التنفيذيّات في أكبر 500 شركة في العالم وفق تصنيف فورتشن إلى 6.6%، وهو رقم قياسي لكنه ما زال منخفضًا مقارنة بالحجم الكلي للشركات الكبرى.

ومع ذلك، وفقاً لمصادر بلومبيرغ اليوم , أظهر مؤشر ريكيافيك للقيادة السنوي أن الثقة في القيادات النسائية لم تتحسن مقارنة بالعام الماضي، عندما وصل المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ صدوره عام 2018. ففي دول مجموعة السبع الكبرى، قال 45% فقط من المستطلعين إنهم سيكونون "سعداء جدًا" بقيادة امرأة للحكومة، وأقل من نصفهم عبروا عن نفس الرأي بالنسبة لامرأة تشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة كبرى.

يعكس هذا الركود فجوة مصداقية صامتة تواجه النساء في السلطة، وهو دليل على أن الحواجز الخفية ما زالت قائمة رغم التقدم المرئي نحو المساواة بين الجنسين. الخبراء يرون أن الركود في الثقة لا يعود بالضرورة إلى كفاءة النساء، بل إلى عوامل ثقافية ونفسية واجتماعية وسياسية معقدة.

وعلى صعيد التباين بين الدول ومستوى الثقة , تشير البيانات على مستوى الدول إلى اختلافات كبيرة في مستوى الثقة بالقيادات النسائية. فقد شهدت فرنسا واليابان وإيطاليا زيادة طفيفة في الثقة بالنساء خلال العام الماضي، خصوصًا أن رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني تلقت إشادة واسعة بقيادتها خلال الأزمات، ما ساهم في رفع مستوى الثقة بها.

ومع ذلك، شهدت دول أخرى تراجعًا حادًا في الثقة، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا، رغم ارتفاع نسبة النساء في المناصب القيادية في الشركات والحكومات. ففي ألمانيا، أكثر من ربع أعضاء مجالس الإدارة التنفيذية في الشركات الكبرى من النساء، ويشغل عدد قياسي منهن منصب الرئيس التنفيذي. أما المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فقد شهدتا صعود النساء إلى قيادة الحكومات، ويمثلن 32.4% و40.5% من أعضاء البرلمانات على التوالي، متجاوزين المتوسط العالمي. ومع ذلك، انخفضت الثقة في القيادات النسائية، مما يشير إلى أن زيادة التمثيل وحده لا تكفي لتعزيز المصداقية.

اما بالنسبة لأسباب الركود في الثقة وفقاً لبلومبيرغ , فالركود في الثقة بالقيادات النسائية يعود إلى عدة عوامل مترابطة:

عدم اليقين العالمي:

أزمات كوفيد-19، الحروب، التقلبات الاقتصادية، الكوارث البيئية، والمخاوف من فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي أدت إلى ارتفاع القلق العام، وهو ما ينعكس على تقييم القيادة النسائية، خصوصًا في أوقات الأزمات.

الانحياز للذكوري:

أظهرت الأبحاث أن البشر يميلون تاريخيًا إلى الثقة بالقادة الذكور بسبب "مبدأ الألفة"، حيث يتم برمجة الأجيال على تصور القائد المثالي كرجل. وعندما تكون القائدة امرأة، يزداد احتمال الشك في كفاءتها، خاصة عندما يمنح المجتمع "إذنًا ضمنيًا للتمييز"، كما تشير أبحاث كورين لو، من كلية وارتون.

ظاهرة الحافة الزجاجية:

النساء غالبًا ما يُعينن في المناصب القيادية خلال أوقات الأزمات أو التحديات الكبرى، ما يزيد احتمال الفشل ويغذي الصورة النمطية بأن الرجل كان سينجح أكثر. ومن الأمثلة البارزة: تيريزا ماي خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وماريسا ماير في ياهو!.

تأثير الذكاء الاصطناعي والتحيز الرقمي:

تشير الأبحاث إلى أن نماذج اللغة الكبيرة التي تدعم أدوات الذكاء الاصطناعي تحمل تحيزات جنسية، مما قد يشكل المواقف تجاه القيادات النسائية، خاصة لدى الشباب الذين يقضون وقتًا أطول على الإنترنت.

التوتر النفسي والاجتماعي:

أليسون فراغيل، أخصائية علم النفس التنظيمي، تشير إلى أن الناس قد يخطئون في تحديد سبب قلقهم أو توترهم، وينسبون المشاعر السلبية أحيانًا إلى النساء في مواقع القيادة، خاصة في ظل الأزمات.

وعلى صعيد تأثير الأزمات على النساء في القيادة , العقد الماضي شهد تقلبات غير مسبوقة: جائحة كورونا، الحروب، الأزمات الاقتصادية والكوارث البيئية، ما دفع الناس إلى التمسك بالقيادة المألوفة، وهي غالبًا قيادات ذكورية. ومع صعود النساء، يواجهن اختبارًا مزدوجًا: إثبات الكفاءة في بيئات صعبة، ومواجهة الانحيازات الثقافية والنفسية والسياسية.

ختاماً , رغم المكاسب الكبيرة في تمثيل النساء في الحكومات والشركات، تبقى الثقة بالقيادة النسائية محدودة بسبب عوامل تاريخية وثقافية ونفسية. التحدي الحالي هو تحويل الإنجازات الظاهرة إلى مصداقية حقيقية، وكسر الانحيازات التقليدية، وبناء بيئة تدعم القيادة النسائية على المدى الطويل، خصوصًا في عالم متغير بسرعة وأزمات متكررة. صعود النساء وحده لا يكفي، بل يتطلب جهودًا مستمرة لتعزيز الثقة والاعتراف بالكفاءة بعيدًا عن الصور النمطية.