بريطانيا واليابان تقلّصان السندات الطويلة

تشهد المملكة المتحدة واليابان تحولًا كبيرًا في سياسات الاقتراض الحكومية، مع تراجع واضح في الإصدارات من السندات الطويلة الأجل لصالح الديون القصيرة، تماشيًا مع تغيّر طلب المستثمرين، وفق بلومبيرغ اليوم الأربعاء. ويمنح هذا التحول الحكومات فوائد فورية تتمثل في خفض كلفة الفوائد، لكنه يعرّضها في الوقت نفسه لتقلّبات محتملة في أسعار الفائدة عند تجديد هذه الديون.

ففي بريطانيا، تراجعت مبيعات السندات طويلة الأجل التي لطالما شكلت ركيزة أساسية في هيكل الديون إلى مستويات قياسية منخفضة هذا العام. كما تدرس الحكومة توسيع سوق أذون الخزينة فائقة القِصر. وفي اليابان، جاء التحول استجابة لضغوط السوق بعد عمليات بيع كبيرة للسندات الطويلة.

ولا يقتصر هذا التغيير على بريطانيا واليابان، إذ تعتمد الولايات المتحدة بشكل أكبر على أذون الخزينة لتمويل العجز، بينما تدرس دول مثل أستراليا اتباع نهج مماثل. ونتيجة لذلك، تراجع متوسط آجال استحقاق السندات الحكومية عالميًا إلى أدنى مستوى منذ 2014. لكن اليابان والمملكة المتحدة شهدتا أكبر تراجع في الطلب على السندات الطويلة، ما دفعهما إلى إعادة تشكيل سياسة الإصدارات بشكل جذري.

هذا التحول مرتبط أيضًا بتراجع دور البنوك المركزية، التي أمضت سنوات في شراء السندات بهدف تحفيز الاقتصاد، لكنها تسحب دعمها اليوم، ما يقلّص الطلب على الديون طويلة الأجل ويرفع كلفة الاقتراض الحكومي. ومع ارتفاع مستويات الدين، تلجأ الحكومات إلى أدوات دين قصيرة الأجل بفوائد أقل، لكنها تتطلب تجديدًا دوريًا قد يحدث في ظل أسعار فائدة أعلى، مما يرفع فاتورة الفوائد بشكل كبير.

ويرى محللون أن التحدي الرئيس يتمثل في أن الاعتماد المكثّف على الديون القصيرة يعكس رهانًا على تراجع العوائد طويلة الأجل. وإذا لم يتحقق ذلك، فقد تواجه الحكومات قفزات كبيرة في الكلفة عند تجديد الديون.

في الولايات المتحدة، يشير التحول إلى زيادة حصة أذون الخزينة إلى نحو 26% من إجمالي الدين بحلول 2027، مستفيدة من الطلب القوي من صناديق أسواق المال التي يتجاوز حجمها 8 تريليونات دولار. ويسمح ذلك للخزانة الأمريكية بتخفيف الضغط على عوائد السندات الطويلة وتأجيل زيادة أحجام المزادات حتى نهاية 2026.

وفي الأسواق العالمية، انخفض متوسط آجال السندات البريطانية من 17 عامًا في 2021 إلى 12 عامًا اليوم، وتراجع متوسط آجال السندات اليابانية من 10.8 إلى 9.6 سنوات، بينما بلغ متوسط آجال السندات الحكومية عالميًا أقل من 9 سنوات.