تحذيرات من أزمة ديون أميركية مع تصاعد ضغوط السندات والانقسام السياسي

تزايدت التحذيرات من احتمال اقتراب الولايات المتحدة من أزمة ديون، مع بروز مؤشرات على ضغوط متنامية في سوق السندات، في وقت تتعثر فيه السياسات المالية وسط انقسامات سياسية حادة، وفق محللين اقتصاديين.
ويقول خبراء إن استمرار العجز المالي الكبير وارتفاع الدين العام إلى مستويات تقترب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي يعززان مخاطر اهتزاز ثقة المستثمرين، رغم أن مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية ما تزال توفر شبكة أمان للمالية الأميركية.
وتأتي المخاوف الأميركية في وقت تواجه فيه حكومات غربية أخرى أزمات مشابهة. ففي بريطانيا، اضطرت الحكومة هذا الأسبوع إلى التراجع عن خطط لرفع ضريبة الدخل رغم ترحيب أسواق السندات، واستعاضت عنها بسلسلة زيادات ضريبية محدودة لتجنب ردود فعل سياسية، ما يعكس معضلة بين إرضاء الأسواق والناخبين ودعم النمو الاقتصادي. وفي فرنسا، تبدو المشكلة أكثر تعقيداً مع دين عام أعلى، وعجز مالي أكبر، وبرلمان منقسم يصعّب تمرير الموازنات.
وفي الولايات المتحدة، أثارت الرسوم الجمركية المقترحة هذا العام اضطراباً في الأسواق قبل أن تُخفَّض بعد قفزة في عوائد السندات، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على حساسية السوق تجاه السياسات المالية. وتراجعت الرسوم الفعلية من 28% إلى نحو 18%، وهو أعلى مستوى منذ 1934 رغم كونه أدنى من المقترح الأولي.
وشهدت أسواق السندات الأميركية توتراً مشابهاً في أبريل، حين ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات وسط مخاوف من موجة بيع قد تشبه أزمة بريطانيا في عهد ليز تراس قبل أن تتراجع الإدارة الأميركية. وفي 2020، اضطر الاحتياطي الفيدرالي لشراء أكثر من تريليون دولار من السندات لمنع انهيار السوق خلال الإغلاق الوبائي.
وتقدّر بيانات صندوق النقد الدولي أن العجز الأميركي سيبقى من بين الأعلى في الدول المتقدمة، عند أكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، فيما يتطلب العجز المزدوج المالي والحساب الجاري تدفقاً دائماً لرؤوس الأموال الأجنبية لتمويل الإنفاق.
ويحذر محللون من أربعة عوامل قد تقوّض قوة الدولار على المدى الطويل: زيادة المعروض من السندات الأميركية، توسع الصين في استخدام اليوان، اتساع المخاوف من تجميد الاحتياطيات المقوّمة بالدولار، وتراجع ثقة الحلفاء بعد سياسات تجارية أحادية في السابق.
ورغم أن هذه العوامل لم تُحدث هزّة كبيرة حتى الآن، يقول خبراء إن أي تحوّل في سلوك المستثمرين الدوليين قد يرفع كلفة الاقتراض الأميركي بشكل حاد. ويشير الاقتصاديون إلى أن الولايات المتحدة تمتلك مجالاً لمعالجة الاختلالات عبر زيادة الضرائب التي تُعد الأدنى بين دول مجموعة السبع غير أن خفض الإنفاق يبقى أكثر صعوبة في ظل الانقسامات السياسية.
