ميزانية بريطانيا تؤجل الألم… وتنعش إنفاق عيد الميلاد بـ13% في الجمعة السوداء

قد تكون وزيرة الخزانة البريطانية رايتشل ريفز قد أنقذت موسم عيد الميلاد لتجار التجزئة البريطانيين الذين يعانون من ضغوط شديدة، رغم أن ميزانيتها الأخيرة تضمنت زيادة ضريبية كبيرة كما كان متوقعاً. غير أن معظم الأعباء تم تأجيلها لسنوات مقبلة، والأهم أنها تراجعت عن رفع معدلات ضريبة الدخل، ولجأت بدلاً من ذلك إلى ما يسمى “الضريبة الصامتة” التي قد تمر دون ملاحظة حالياً، إلى جانب تقديم مساعدات لتخفيف فواتير الأسر.
هذا المزيج من الإجراءات خلق قدراً من الارتياح بعد أسابيع من التوقعات السلبية التي دفعت المستهلكين إلى العزوف عن التسوق. فالمخاوف من عدم عودة المستهلكين المحرك الأساسي للاقتصاد البريطاني خلال الفترة الأكثر أهمية من الموسم تراجعت لصالح موجة من التفاؤل الحذر، وفق تقرير بلومبيرغ اليوم الجمعة.
وقال ريتشارد ليم، الرئيس التنفيذي لـ Retail Economics:
“مقارنةً بما كان عليه الحال قبل أسابيع قليلة، هناك تنفّس جماعي للصعداء، رغم أننا سنواجه موجة جديدة من الزيادات الضريبية. قد نشهد نوعاً من ‘اللحظة الاحتفالية الأخيرة’ للمستهلكين خلال عيد الميلاد.”
وقد انطلق موسم الجمعة السوداء اليوم، وهو مؤشر رئيسي على أداء الموسم. وسجلت Nationwide Building Society أكثر من 2.5 مليون معاملة حتى الساعة 10 صباحاً بزيادة قدرها 300 ألف عملية مقارنة بالعام الماضي. وتتوقع PwC أن يرتفع متوسط الإنفاق للفرد خلال فترة التخفيضات المتأخرة في تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 262 جنيهاً إسترلينياً، أي بزيادة 13% عن العام الماضي.
وفي المتاجر، يستعد البائعون بقوة لعيد الميلاد. ويقدّم تجار المواد الغذائية تشكيلات جديدة من الوجبات الفاخرة الجاهزة، مثل شرائح الواجو واللوبستر المطهو وأبراج الشو الفاخرة بالشوكولاتة البلجيكية، في ظل ازدهار ثقافة تناول الطعام في المنزل بسبب ارتفاع تكاليف المطاعم.
وفي قطاع التجزئة عموماً، تحوّل التركيز من “أرخص الأسعار” إلى “أفضل قيمة”، عبر منتجات أعلى جودة وتجارب أكثر سلاسة وامتيازات مثل الهدايا أو الفعاليات الحصرية بما يتناسب مع المستهلكين الأكثر حرصاً على القيمة.
غير أن أدلة عديدة أظهرت بداية بطيئة للربع الذهبي من العام؛ فقد انخفضت مؤشرات ثقة المستهلك التي تتابعها GfK في تشرين الثاني/ نوفمبر، وتراجعت مبيعات التجزئة أكثر من المتوقع في تشرين الأول/أكتوبر، مع تبني الأسر نهج “الانتظار والترقب” قبل الميزانية.
كما فاقمت المخاوف المالية هذا التردد المستمر منذ سنوات؛ فمع أن البريطانيين حققوا زيادات قوية في الأجور، إلا أنهم خلاف الأميركيين فضلوا الادخار بدلاً من الإنفاق في المتاجر والمطاعم.
ويحذر الاقتصاديون من أن الميزانية لم تُحسّن الآفاق طويلة الأمد، حيث ستبدأ زيادات ضريبية بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (34.3 مليار دولار) بالتأثير اعتباراً من 2028. كما يتباطأ نمو الأجور الحقيقية، وترتفع البطالة مع استجابة الشركات لزيادة ضرائب العمالة التي فرضتها الحكومة العمالية في نيسان/أبريل الماضي، بالتزامن مع استمرار ارتفاع فواتير الأسر منذ بداية العام.
وقالت هيئة الرقابة المالية البريطانية إن الدخل الحقيقي المتاح للأسر سيتعرض لضغط متزايد، مع تجميد حدود الضرائب الشخصية لثلاث سنوات إضافية، ما سيدفع الملايين إلى شرائح ضريبية أعلى. لكن تأثير ذلك لن يظهر فوراً في رواتب الناس. كما أن فرض ضرائب إضافية على العقارات الأغلى يستهدف الأكثر ثراءً فقط، ما يقلل تأثيره قصير الأمد على الاستهلاك.
ورغم ذلك، فإن بعض الإجراءات العاجلة لتخفيف تكاليف المعيشة المعلنة في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر قد ترفع المعنويات خلال موسم الأعياد. إذ أعلنت ريفز تجميد أسعار السكك الحديدية وخفض متوسط فواتير الأسر بنحو 150 جنيهاً عبر إلغاء بعض الرسوم البيئية، مؤكدة أن خفض التضخم من أولوياتها.
وقال كين تان، مدير استراتيجية التجزئة في PwC، إن هذه السياسات جعلته “أكثر تفاؤلاً بأن بعض الإنفاق المؤجل سيعود خلال الجمعة السوداء وحتى عيد الميلاد.”
وعادةً ما يتصرف المستهلكون البريطانيون بشكل مختلف خلال موسم الأعياد؛ إذ تُظهر أبحاث PwC أنهم ينفقون أكثر مما يتوقعون. كما تتوقع Adobe أن ينفق البريطانيون على منتجات أعلى جودة خلال موسم العطلات، رغم ميلهم نحو السلع الأرخص طوال عام 2025.
