توترات النحاس تتصاعد مع وصول السوق العالمية إلى نقطة تاريخية

يشهد سوق النحاس العالمي توتراً غير مسبوق بفعل اختلالات العرض والطلب، وتبدّل دور الصين في السلسلة، وغموض أجندة التجارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتميّزت مفاوضات التسعير هذا الأسبوع في شنغهاي بحدة غير معتادة، إذ ضغطت شركات التعدين على المصاهر للقبول برسوم معالجة متدنية قياسية، فيما قفزت العلاوات السنوية لشحنات المعدن المكرر إلى الصين إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وفق ما نقلته بلومبيرغ في تقريرها.
ووفقاً لبلومبيرغ، قال نيكولاس سنودون، رئيس أبحاث المعادن في “ميركوريا”، إن سلسلة الإمداد تمرّ بـ”نقطة تاريخية من الشح” خلال مؤتمر آسيا للنحاس في شنغهاي.
وتتواجه المصاهر وشركات التعدين في مفاوضات معقّدة هذا العام. إذ أكد مسؤول في شركة “أوروبِس” الألمانية استعداده لرفض أي معيار سنوي منخفض بشكل مبالغ فيه لرسوم المعالجة، منتقداً فكرة الرسوم السلبية التي تدفع فيها المصاهر لشركات التعدين. كما عارضت الجمعية الرئيسية لصناعة المعادن في الصين هذه الرسوم “غير المستدامة” مع بدء محادثات العقود السنوية.
ويأتي تمسّك المعدّنين بمواقعهم بعد سنوات من التوسع غير المنضبط للمصاهر، تزامناً مع سلسلة من أعطال الإمداد في 2025، ما أبقى الرسوم الفورية في المنطقة السلبية معظم السنة. وتشير بلومبيرغ إلى أن فشل المفاوضات قد يدفع بعض الأطراف للانسحاب من نظام المؤشر السنوي، ما يصعّب التخطيط للإمداد على مدار العام. ودعا تيم كورث من “أوروبِس” إلى تجنّب “حرب” طويلة الأمد والحفاظ على المؤشر.
وفي الولايات المتحدة، ترتفع التوقعات بتدفّق كميات كبيرة من النحاس المكرر وسط علاوات سعرية مدفوعة بمخاوف من رسوم جمركية. وتوقعت بلومبيرغ نقلاً عن سنودون أن تستحوذ أميركا على 90% من المخزونات العالمية بحلول الربع الأول من 2026، ما يزيد من شحّ الأسواق الأخرى. وقد عرضت شركات مثل “كوديلكو” التشيلية علاوات قياسية بلغت 350 دولاراً للطن لبعض العملاء في الصين.
أما في الصين، فيتباطأ الطلب على النحاس رغم الضغوط على الإمدادات ومؤشرات النمو المستقبلي. وقد ازداد التراجع بعد بلوغ الأسعار في بورصة لندن 11200 دولار للطن في نهاية تشرين الأول/أكتوبر. ويرى محللون تحدثت إليهم بلومبيرغ أن الاقتصاد الصيني يعيش مرحلة هشّة، والطاقات المتجددة قوية، لكن السلع الاستهلاكية والعقارات تتراجع.
وحذّر تيانيو هي من “CRU” من أن تدهور العقارات قد يكون “غير قابل للعكس”. كما أشارت هيلين آموس من “BMO” إلى أن تسارع الإمدادات بدءاً من مشاريع تعدين متسارعة في أميركا وكندا وتشيلي قد يخفف الضغط، إضافة إلى توسّع بدائل النحاس. وقالت إن الأسعار، بعد احتساب التضخم، ما تزال ضمن نطاقها التاريخي، مضيفة: “لو كان النقص حقيقياً اليوم، لكانت الأسعار تُظهر ذلك”.
