هبوط بيتكوين يكسر القاعدة القديمة مع بقاء التقلبات تحت السيطرة

يشهد سوق بيتكوين مؤخراً تحولاً جوهرياً، إذ تراجع الارتفاعات الكبيرة في الأسعار التي كانت تجذب المستثمرين الأفراد الباحثين عن المخاطر، في وقت بدأت فيه وول ستريت تلعب دوراً أكبر في هيكلية السوق وفق تقرير بلومبيرغ.

رغم هبوط العملة المشفرة بنسبة تصل إلى 36% منذ الوصول إلى أعلى مستوى لها في أوائل أكتوبر، إلا أن التقلب الضمني ظل محدوداً، مما يعكس كيف أن مؤسسات الاستثمار تُعيد تشكيل آلية انتقال المخاطر في السوق، حسب بلومبيرغ. ففي بدايات بيتكوين، كان سعره يتحرك بشكل رئيسي نتيجة المضاربات التي تستفيد من تقلباته الكبيرة والمتكررة.

يقترب سعر بيتكوين حالياً من 87,000 دولار بعد تعافيه من أدنى مستوى له خلال سبعة أشهر الأسبوع الماضي، وقد أدى الهبوط إلى مسح أكثر من تريليون دولار من القيمة السوقية للأصول الرقمية وإطلاق موجة من عمليات التصفية القسرية، وفق ما أوردته بلومبيرغ. ومع ذلك، بقي التقلب الضمني، الذي عادة ما يرتفع بسرعة خلال الانخفاضات الحادة، منخفضاً نسبياً.

ويشكل هذا تغيراً عن الانخفاضات السابقة، حيث كانت الانهيارات السعرية عادة ما تصاحبها موجات عنيفة من التقلبات. ففي “شتاء العملات المشفرة” السابق بعد الذروة في 2021، استغرق بيتكوين أكثر من عام للوصول إلى القاع، وما يقارب 15 شهراً أخرى لاستعادة مستوياته العالية، بحسب بلومبيرغ.

وقال غريغ ماغاديني، مدير المشتقات في Amberdata: “مع نضوج سوق بيتكوين، من المتوقع أن تصبح التقلبات والانخفاضات أقل حدة، ونحن نشهد ذلك بالفعل” (بلومبيرغ). وأشار إلى ثلاثة تغييرات هيكلية تدعم هذا التحول: انتشار قاعدة المستثمرين، الاستخدام المتزايد للتحوط عبر الخيارات، وحجم السوق الأكبر. وأضاف: “حاملو صناديق الاستثمار المتداولة يشترون الخيارات الوقائية ويبيعون خيارات مغطاة، مما يقلل من المخاطر الكبيرة. ومع زيادة القيمة السوقية، يتطلب دفع الأسعار أموالاً أكبر” وفقاً لبلومبيرغ.

ويشير هبوط التقلب الضمني إلى أن المشاركين في السوق يتوقعون استقرار الأسعار، بينما أصبح شراء الحماية ضد الانخفاضات أكثر تكلفة بشكل معتدل، خصوصاً حول مستوى 80,000 دولار حتى نهاية العام، بحسب أوغسطين فان، شريك في SignalPlus، وفق ما ذكرته بلومبيرغ.

ويأتي هذا الهدوء النسبي في وقت تظل فيه القوى الاقتصادية الكلية محور الاهتمام. فقد ارتفعت التوقعات بشأن خفض محتمل لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، حيث تشير العقود المستقبلية إلى احتمال 80% لخفض في كانون الأول/ديسمبر، ارتفاعاً من 42% الأسبوع الماضي، مما ساعد على استقرار الأصول عالية المخاطر بشكل عام، حسب تقرير بلومبيرغ.

وقال توني سيكامور، محلل في IG أستراليا: “للنظام البيئي للعملات المشفرة، تزايد احتمالات خفض الفائدة الفيدرالي يعد بمثابة ‘الدواء’ لإصلاح الضرر الذي لحق خلال حلقة التصفية الأخيرة” وفقاً لبلومبيرغ.

مع ذلك، كانت موجة البيع في أكتوبر عنيفة، حيث سجل البيتكوين أسوأ أداء شهري منذ انهيار 2022، وكانت نسبة الهبوط البالغة 36% هي الأشد منذ إطلاق صناديق البيتكوين الفورية في الولايات المتحدة أوائل 2024، وفق بلومبيرغ.