Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

من الحرب الباردة إلى حرب النفوذ... القوى الكبرى في سباق بلا قواعد

1b12d6b5-f206-4690-b5f6-3b60b6e88cbb

انتهت الحرب الباردة في أوائل التسعينيات، ليشهد العالم تحولات جذرية في النظام الدولي انعكست على التوازنات السياسية والاقتصادية بين القوى الكبرى إذ أدى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 إلى بروز الولايات المتحدة الأمريكية كالقوة العظمى الوحيدة على الساحة الدولية، فيما شهدت أوروبا توحيداً اقتصادياً وسياسياً من خلال الاتحاد الأوروبي الذي ضم عشر دول جديدة بين عامي 1990 و2004، ما ساهم في تعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية داخل النظام العالمي

على الصعيد الاقتصادي، ازداد وزن الاقتصادات الآسيوية بشكل ملحوظ فقد شهدت الصين معدل نمو اقتصادي متوسط قدره 10.5٪ سنوياً خلال العقد الأول من الألفية الجديدة مما رفع ناتجها المحلي الإجمالي من 360 مليار دولار عام 1990 إلى أكثر من 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2010 وفق بيانات البنك الدولي، بينما سجلت الهند معدل نمو مماثل بلغ 7.5٪ سنوياً خلال الفترة نفسها ما جعلها لاعباً أساسياً في الأسواق العالمية

تغيرت أيضاً الديناميكيات المالية العالمية فقد ارتفع حجم التجارة الدولية من 4.4 تريليون دولار عام 1990 إلى 19.5 تريليون دولار عام 2020 وفق منظمة التجارة العالمية، كما توسعت أسواق رأس المال بشكل غير مسبوق مما أتاح للدول النامية الحصول على تمويل أكبر لتنمية بنيتها التحتية، بينما ازدادت الهوة بين الدول الكبرى والدول النامية في القدرة على التأثير على القرارات الاقتصادية العالمية

على الصعيد السياسي، شكلت الولايات المتحدة تحالفات جديدة مثل حلف الناتو الموسع إلى 30 دولة حالياً، فيما سعت روسيا إلى استعادة نفوذها الإقليمي من خلال الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والتعاون مع الصين في مجلس الأمن الدولي وأطر متعددة الأطراف أخرى مما أدى إلى ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب يتجاوز هيمنة القطب الواحد

التغيرات التكنولوجية أيضاً لعبت دوراً محورياً في إعادة توزيع القوة الاقتصادية فالدول الكبرى أصبحت تنافس على قيادة الثورة الصناعية الرابعة، حيث بلغ حجم الاستثمار العالمي في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي نحو 380 مليار دولار عام 2022 وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، وهو ما يعكس أن القدرة على الابتكار أصبحت جزءاً أساسياً من القوة الاقتصادية والسياسية

في المجمل، أدى ما بعد الحرب الباردة إلى تحول النظام الدولي من صراع أيديولوجي ثنائي القطبية إلى شبكة معقدة من القوى الاقتصادية والسياسية متعددة الأقطاب، حيث ارتفع وزن الاقتصادات الصاعدة، وازدادت الترابطات الاقتصادية، وتحولت القدرة على التأثير إلى مزيج من القوة العسكرية، الاقتصادية والتكنولوجية، وهو ما يجعل فهم هذه التحولات أساسياً لوضع سياسات دولية واستراتيجيات اقتصادية ناجحة.