Contact Us
Ektisadi.com
تكنولوجيا

مركز ميتا بقيمة 27 مليار دولار يثير تساؤلات حول معايير المحاسبة

freepik__the-style-is-candid-image-photography-with-natural__33119

تبدو العملية وكأنها إنجاز في الهندسة المالية، فشركة ميتا تبني مركز بيانات ضخمًا بقيمة 27 مليار دولار في ولاية لويزيانا، ويتم تمويله بالدَّين، فيما لن يظهر لا المركز ولا الدين على ميزانية الشركة العمومية. لكن النتيجة “المثالية” هذه تبدو جيدة لدرجة يصعب تصديقها وربما كذلك هي.

فالمشروع يجسد جوهر التمويل المُهيكل؛ إذ تحاول الشركات التوفيق بين أهداف محاسبية لا يمكن جمعها نظريًا: ميتا تريد تمويل المشروع بأموال المستثمرين، والمستثمرون يريدون ضمانات بأن ميتا تقف خلف المشروع، وفي الوقت نفسه ترغب الشركة في الحفاظ على تصنيفها الائتماني القوي وعدم تحميل ميزانيتها المزيد من الأصول والديون. وبحسب بلومبيرغ اليوم الاثنين، فإن ما تقوم به ميتا هو مثال واضح على هذا النوع من الهندسة المالية.

كانت أعمال البناء قد قطعت شوطًا كبيرًا عندما أعلنت ميتا الشهر الماضي عن صفقة التمويل الجديدة. فقد عملت على نقل مشروع Hyperion خارج ميزانيتها عبر إنشاء مشروع مشترك مع شركة Blue Owl Capital، بحيث تملك ميتا 20% ويملك مستثمرو Blue Owl الـ80% المتبقية. وفي الشهر الماضي، أصدرت شركة تابعة لـBlue Owl تُدعى Beignet Investor سندات بقيمة 27.3 مليار دولار في أكبر عملية من نوعها آنذاك، وذهبت الحصة الأكبر منها إلى PIMCO.

وتؤكد ميتا أنها لن تُجمّع بيانات المشروع المشترك ضمن قوائمها المالية، ما يعني بقاء الأصول والالتزامات خارج ميزانيتها. وبدلاً من ذلك، ستستأجر مركز البيانات لمدة تصل إلى 20 عامًا بدءًا من 2029، لكن بعقد أولي مدته أربع سنوات فقط، مع خيار التجديد كل أربع سنوات. تسمح هذه الصيغة المحاسبية لميتا بمعالجة العقد كـ "عقد إيجار تشغيلي" بدلًا من "إيجار تمويلي" الذي يجعل الأمر أقرب إلى امتلاك الشركة للأصل وتمويله بالدَّين.

لكن هذه النتيجة المحاسبية الإيجابية تعتمد على افتراضات مريحة بعضها غير واقعي، وبعضها الآخر متناقض، ما يجعل المعالجة خارج الميزانية محل تساؤل.

وفقًا للمعايير المحاسبية، يُصنّف المشروع المشترك ككيان مصالح متغيرة (VIE)، وهو تصنيف يعني أن الملكية الشكلية ليست مؤشرًا على السيطرة الفعلية. فإذا كانت ميتا هي "المستفيد الأساسي" للـVIE، يتوجب عليها توحيد البيانات المالية بالكامل.

ووفق ما ذكرت بلومبيرغ لكي تكون ميتا المستفيد الرئيسي، يجب توفر شرطين:

  1. القدرة على توجيه الأنشطة التي تؤثر بشكل كبير على الأداء الاقتصادي للكيان.

  2. تحمل خسائر كبيرة أو الحق في الحصول على فوائد اقتصادية كبيرة.

وفي الاختبار الأول، يُطرح سؤال منطقي، إذا لم تكن ميتا هي صاحبة القوة الفعلية، فمن إذن؟ فميتا تمتلك الخبرة لتشغيل مراكز البيانات، بينما Blue Owl هي جهة تمويل، ولا علاقة لها بالإدارة التشغيلية. نجاح المشروع يعتمد في جوهره على قرارات وخبرة ميتا. ورغم أن Blue Owl تسيطر شكليًا على مجلس الإدارة، إلا أن المعايير المحاسبية تهتم بالقوة الحقيقية والمؤثرة لا بالإطار القانوني.

أما الاختبار الثاني، فالجواب فيه أوضح: ميتا تتحمل المخاطر التشغيلية للمركز وعمليات بنائه، بما يشمل تجاوز التكاليف أو التأخير. كما قدمت ضمانًا لقيمة الأصل لصالح حملة السندات يغطي كامل المبلغ في حال عدم تجديد العقد أو فسخه وهو ما يمنح ميتا انكشافًا اقتصاديًا كبيرًا على الكيان.

وهذا الضمان يعقّد بدوره المعالجة المحاسبية لعقود الإيجار: فإذا كان تجديد العقد “مرجحًا بدرجة معقولة”، يجب على ميتا احتساب فترات التجديد ضمن التزامات الإيجار. ورغم أن الشركة تبدأ بعقد مدته أربع سنوات فقط، إلا أن وجود الضمان يجعل احتمال التجديد أكثر منطقية، لأن مغادرة ميتا للمركز ستجبرها على دفع كامل ما تبقى من الديون في حال عدم وجود مستأجر جديد، بحسب وكالة بلومبيرغ.

كما أن قواعد المحاسبة تتطلب إدراج الضمان ضمن التزامات الإيجار إذا كانت المدفوعات “مرجّحة”. وهذا قد يتعارض مع افتراض ميتا بأن التجديد ليس “مرجحًا بدرجة معقولة”، ما يضع الشركة بين تقديرات محاسبية متناقضة.