Contact Us
Ektisadi.com
تعليم وثقافة

نجم صعد بسرعة وسقط بصخب... حكاية شاب حيّر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

Aidan Toner-Rodgers

آيدان تونر-رودجرز (إنترنت)

لم تكن قصة آيدان تونر-رودجرز سوى صعود لامع انتهى بانكسار مدوٍّ، إذ تكشف تفاصيلها كما أوردتها وول ستريت جورنال أن هذا الشاب البالغ من العمر سبعةً وعشرين عاماً دخل مشهد الاقتصاد العالمي من بابٍ يكاد يكون أسطورياً. كان لا يزال يدرس مساقاته الأساسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عندما قدّم ورقة بحثية عن أثر الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، ورقة اعتبرها كبار الاقتصاديين كشفاً استثنائياً، إذ خلصت إلى أنّ الذكاء الاصطناعي يعزز إنتاجية الموظفين ويحفّز الابتكار رغم أنّ العاملين لا يستمتعون باستخدامه كثيراً. ظهر الشاب في صفحات وول ستريت جورنال بملامح العبقرية الفتية، يقف بين اثنين من كبار أساتذته، من بينهم الحائز على نوبل دارون عجم أوغلو، وكأنّه وُلد ليكون اسماً تتناقله المؤسسات الأكاديمية.

غير أنّ هذا البريق بدأ يخبو سريعاً. فما إن احتفت الأوساط الاقتصادية بعمله حتى بدأت الأسئلة تتكاثر داخل MIT كما تذكر وول ستريت جورنال، خاصة عندما تساءل أساتذته أنفسهم عمّا إذا كان الشاب قد اختلق الدراسة برمّتها. كان ذلك سؤالاً لا يمكن تخيّله في البداية، لكنه سرعان ما أصبح محور التحقيقات التي أنهت وجود تونر-رودجرز في المعهد بحلول الربيع، لتنقلب صورة الطالب النابغة إلى لغز محيّر. فقد كشفت المناقشات داخل القسم، وفق ما أوردته الصحيفة، أنّ ما فعله لم يكن مجرد تلاعب في متغيرات أو أخطاء بحثية، بل يبدو أنّه ابتدع الدراسة كاملة من أساسها، مخترعاً بيانات واتفاقيات استخدام لم تتحقق يوماً.

وتروي وول ستريت جورنال أنّ أساتذة الاقتصاد في MIT باتوا يناقشون اليوم تشديد إجراءات تدقيق البيانات في أعمال الطلبة، بعدما أدركوا أن الثقة وحدها لا تكفي في زمن تتسارع فيه الأبحاث حول الذكاء الاصطناعي. فقد زلزلت الحادثة هذا المناخ الأكاديمي الذي يقوم على مستوى عالٍ من النزاهة، ووضعته أمام امتحان من النوع الذي لم يعتد عليه.

ورغم انسحابه من المعهد، حاول تونر-رودجرز تبرير ما حدث لعدد من زملائه عبر رسائل واتساب، قائلاً إن المشكلة لم تكن في جوهر الدراسة بل في حقوق استخدام البيانات، مدّعياً أنه حصل على معلومات من شركة كبرى في المواد العلمية، لكنه اضطر لتزييف اتفاقية الاستخدام بعدما تراجعت الشركة. غير أن هذه الرواية، بحسب الصحيفة، لم تجد من يصدقها، خاصة بعد رفضه الرد على الاتصالات أو الرسائل التي وُجّهت إليه وإلى عائلته.

وتستعيد وول ستريت جورنال ملامح رحلة هذا الشاب منذ بداياته، فقد نشأ في بلدة سيباستوبول الهادئة في كاليفورنيا بين أربعة إخوة، لأسرة بسيطة يعمل الأب فيها معلماً للصف الثاني وتدير الأم مدرسة موسيقية. كان ذكياً وهادئاً ومحبوباً في محيطه، لاعب كرة سلة متمرّساً في فريق كلية ماكالستر، قبل أن ينغمس في عالم الاقتصاد ويجد شغفه في تحليل البيانات وفهم ديناميكيات الأسواق. ومن تلك الكلية الصغيرة، التي لم يتجاوز عدد طلابها ألفي طالب، خرج بفضول كبير وحلم أكبر، حلم قاده إلى أبواب MIT وإلى الأضواء التي سرعان ما استحال وهجها إلى ظلال.

اليوم يقف آيدان تونر-رودجرز خارج أسوار المعهد الذي كان يمكن أن يكون منصته نحو مستقبل استثنائي، بينما لا تزال الإجابات معلّقة. فقد تحوّل هذا الطالب الذي أبهر اقتصاديي العالم فجأة إلى مثال تحذيري عن هشاشة المجد السريع، وعن الثمن الباهظ الذي قد يدفعه الباحث حين يُغريه الطريق المختصر على حساب الحقيقة. هكذا تقدّم وول ستريت جورنال قصة شاب لم يكن سقوطه مجرد خطأ أكاديمي، بل درساً صارخاً عن الثقة والبحث والخيارات التي تصنع مصائر البشر.

نجم صعد بسرعة وسقط بصخب... حكاية شاب حيّر معهد ماساتشوستس... | Ektisadi.com | Ektisadi.com