Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

انقسامات غير مسبوقة في لجنة الاحتياطي الفيدرالي تُعقد مسار خفض الفائدة

aaa

تشهد لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي انقسامات واسعة وغير مسبوقة حول خفض أسعار الفائدة في اجتماع كانون اول/ديسمبر المقبل، ما يقلل من احتمالات تحقيق خفض جديد حتى مع إمكانية تغيير رئيس البنك. الانقسامات الداخلية تتفاقم نتيجة تأثير سياسات الرئيس ترامب على سوق العمل والتضخم، فيما يحذر خبراء الفيدرالي من أن الضغوط السياسية قد تؤثر على استقلالية البنك.

وفي التفاصيل وفقاً لمصادر وول ستريت جورنال يوم الجمعة , قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع إنه يتوقع انخفاضًا كبيرًا في أسعار الفائدة بمجرد أن يتمكن من تعيين رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في حزيران/مايو المقبل. إلا أن المعارضة المتزايدة لخفض الفائدة في كانون الاول/ديسمبر داخل البنك تشير إلى أن هذه الخطوة قد لا تحقق أهدافه بسهولة، وأن تغيير رئيس الفيدرالي وحده لن يضمن قرارات أكثر مرونة تجاه أسعار الفائدة.

كما يرى محللون أن رئيس الفيدرالي جيروم باول يواجه أكبر مقاومة داخلية خلال فترة ولايته التي تقترب من ثماني سنوات، سواء قرر التوقف عن خفض الفائدة أو المضي في خفضها. وقد تمتد هذه الانقسامات إلى العام المقبل، ما يجعل عملية اتخاذ القرار أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

يشير تقرير صادر عن بنك الاستثمار Evercore ISI إلى أن عملية اتخاذ القرار داخل لجنة الاحتياطي الفيدرالي بدأت تتفكك، مع وجود احتمال ظهور ثلاثة أصوات معارضة أو أكثر في اجتماع كانون الاول/ديسمبر، وهو ما لم يكن شائعًا سابقًا. كريشنا غوها، المدير السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، قال: «يشبه الوضع الحالي بروفة لما سيحدث في 2026، حيث قد تُتخذ القرارات بأغلبية صريحة وليس بالتوافق المعتاد، ولن يكون من المؤكد أن رئيس الفيدرالي المعين من قبل ترامب سيتمكن دائمًا من فرض رأيه».

وفي السياق ذاته , يشبه خبراء السياسة النقدية رئيس الفيدرالي بقائد فريق كرة القدم، فهو يحدد الخطط الاقتصادية ويحتاج إلى دعم اللجنة لتنفيذها، وليس له السلطة المطلقة لتحديد أسعار الفائدة بمفرده. كما أوضح محافظ الفيدرالي كريستوفر والر في لندن: «مهمة الرئيس هي إقناع اللجنة بالموافقة على إجراء معين، وإذا اقترح إجراءً يراه الجميع غير منطقي، فلن يحدث».

وتتطلب القرارات موافقة أغلبية أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية المكونة من 12 عضوًا، بما في ذلك 7 محافظين معينين من الرئيس الأميركي، بالإضافة إلى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وأربعة من رؤساء البنوك الفدرالية الـ11 الذين يصوتون بالتناوب. ويشارك جميع المسؤولين الـ19 في اجتماعات السياسة النقدية، مما يضيف طبقة من التعقيد والرقابة غير السياسية.

بالإضافة , يوفر رؤساء البنوك الفدرالية نوعًا من الحماية المستقلة لأنهم غالبًا لا يمتلكون خلفية سياسية مباشرة، ويتم اختيارهم من قبل مسؤولي الأعمال والمنظمات غير الربحية المحليين بعد موافقة محافظي الفيدرالي.

وفقاً لوول ستريت جورنال , في اجتماعات ايلول/سبتمبر و تشرين الاول/أكتوبر، نفذ الاحتياطي الفيدرالي خفضًا ربع نقطة في كل اجتماع، ما جعل نطاق سعر الفائدة المستهدف بين 3.75% و4%. ومع ذلك، أبدى جزء كبير من المسؤولين، خصوصًا رؤساء البنوك الفدرالية، معارضتهم لأي خفض ثالث في ديسمبر، خاصة بعد أن حُجبت البيانات الرئيسية بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، مما حال دون توفر المعلومات التي تساعد عادة في توحيد وجهات النظر.

أشار باول بعد اجتماع تشرين الاول/أكتوبر إلى أن خفضًا إضافيًا لم يكن أمرًا محسومًا، وسرعان ما عزز زملاؤه في اللجنة هذا الموقف بتصريحات علنية، مما جعل الأسواق تتعامل مع القرار على أنه احتمال متساوٍ. ومع تصريحات داعمة من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز، صديق باول، عادت الأسواق لتتوقع خفض الفائدة مرة أخرى.

اما بالنسبة للتحديات الاقتصادية , تنقسم آراء المسؤولين أيضًا بسبب سياسات ترامب المتعلقة بالتجارة والهجرة، والتي تؤثر سلبًا على نمو الوظائف وترفع الأسعار في الوقت ذاته، ما يجعل من الصعب على البنك معالجة كلا المشكلتين معًا. بعد خفض الفائدة مرتين لمواجهة المخاطر على سوق العمل، يريد بعض المسؤولين المزيد من الأدلة على تدهور أو تحسن الظروف الاقتصادية قبل اتخاذ أي خفض إضافي، في حين يخشى آخرون أن يرتفع التضخم قريبًا من 3% بدلاً من هدف الفيدرالي البالغ 2%، نظرًا لتوقعاتهم لنشاط اقتصادي قوي في العام المقبل.

وفقاً لوول ستريت جورنال , إذا حدث خفض في كانون الاول/ديسمبر، فسيكون ذلك بشكل أساسي بفضل قدرة باول على إقناع بعض زملائه بتجاوز تحفظاتهم. ومن المرجح استمرار وجود عدة أصوات معارضة، سواء كانت مؤيدة أو معارضة، ما يمثل خروجًا عن ثقافة التوافق التي رسخت بعد عام 1994، عندما فوجئ الرئيس آلان غرينسبان بزملاء أرادوا رفع الفائدة بشكل أسرع مما فعل هو.

ختاماً , تشير الانقسامات الحالية إلى احتمال دخول الاحتياطي الفيدرالي في مرحلة جديدة، حيث تُتخذ القرارات المالية الكبرى عبر تصويتات الأغلبية الصريحة، بدلًا من التوافق الواسع الذي كان سائدًا لعقود، مما قد يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية الأميركية والعالمية في 2026.