أسبوع عاصف في وول ستريت: تقلبات حادة تهوي بالأسهم وسط مخاوف من فقاعة استثمارية وتباطؤ اقتصادي

تعيش وول ستريت أسبوعًا هو الأكثر اضطرابًا منذ أشهر، بعدما تداخلت مخاوف انفجار فقاعات استثمارية مع قلق من تباطؤ الاقتصاد الأميركي وضغوط متزايدة لجني الأرباح، مما أدى إلى تقلبات حادة في جلسات التداول وهبوط لافت في مؤشرات الأسهم الكبرى. وتراجع مؤشر S&P 500 بنحو 2% خلال الأسبوع الماضي وبمقدار 3.5% في تشرين الثاني/نوفمبر، فيما هبط مؤشر ناسداك بأكثر من 6%، محققًا أكبر خسارة على مدى ثلاثة أسابيع منذ نيسان/أبريل.
وكانت التوقعات في وول ستريت تشير إلى أن النتائج القوية لشركة «إنفيديا» ستدفع السوق إلى موجة صعود جديدة، غير أن موجة بيع حادة ومفاجئة قلبت المشهد، حيث هبط S&P 500 بأكثر من نقطتين مئويتين خلال ساعتين فقط، من دون وجود سبب واضح أو معلن، ما أثار حالة من القلق بين المتداولين. وقال رامون فيراستغي، المتخصص في إدارة استراتيجيات التقلبات: “الناس كانوا خائفين حقًا… لم يكن أحد يتوقع هذا السيناريو”.
كما كانت أكبر الضغوط من نصيب الأسهم التي قادت مكاسب السوق خلال الأشهر الماضية، وعلى رأسها أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية. فقدت Robinhood نحو ربع قيمتها هذا الشهر، بينما تراجعت Coinbase بنسبة 30%، وانخفضت Palantir بنحو 23%. كما تعرّضت الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لضغوط كبيرة، وسط مخاوف من أن الإنفاق الضخم الذي شهدته الصناعة العام الماضي قد لا يستمر بالزخم نفسه.
بالاضافة , تراجع صندوق Global X للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بنحو 10% خلال الشهر، بينما هبط صندوق Magnificent Seven الذي يتابع أسهم إنفيديا، غوغل، أمازون، آبل، ميتا، مايكروسوفت وتيسلا بنسبة تقارب 6.6% منذ نهاية تشرين الاول/أكتوبر.
ورغم أن شركات مثل «إنفيديا» تواصل تحقيق أرباح قياسية وتستفيد من صفقات تتجاوز قيمتها 1.5 تريليون دولار في قطاع الذكاء الاصطناعي، إلا أن بعض المتداولين يخشون أن يكون السوق قد بلغ مرحلة المبالغة في التقييم، مشيرين إلى تشابه بين تصريحات الرئيس التنفيذي لإنفيديا جنسن هوانغ وتصريحات جون تشامبرز، المدير التنفيذي السابق لـ«سيسكو»، قبل انفجار فقاعة الإنترنت عام 2000، عندما أكد أن “الثورة الصناعية الثانية بدأت للتو”، قبل أن تفقد الشركة لاحقًا ثلثي قيمتها.
ووفقاً لمصادر وول ستريت جورنال نهار الجمعة , يرى محللون أن جزءًا مما يحدث قد يكون مجرد حركة طبيعية لجني الأرباح بعد سنوات من المكاسب الكبيرة، خصوصًا أن S&P 500 لا يزال أقل بـ 4.2% فقط عن أعلى مستوى تاريخي له. ويشير متعاملون في وول ستريت إلى أن الهلع لا يزال محدودًا بين المستثمرين الذين يمتلكون محافظ متنوعة، بينما يتأثر بشكل أكبر أولئك الذين يتركز استثمارهم في شركات الذكاء الاصطناعي والتقنيات عالية المخاطر.
وقال ماثيو تايم، رئيس تداول مشتقات الأسهم في «Cantor Fitzgerald»، إن معظم عملائه لا يظهرون علامات الذعر، مضيفًا أن أداء المستثمرين ذوي المحافظ الواسعة ما زال مستقرًا نسبيًا، على عكس المستثمرين الذين يراهنون بقوة على العملات الرقمية وأسهم الذكاء الاصطناعي.
ختاماً , وبين الاضطرابات الحالية وخوف المتعاملين من تكرار سيناريوهات ما قبل انفجار الفقاعات السابقة، تبدو الأسواق الأميركية مقبلة على فترة من الحذر الشديد، مع مراقبة لصيقة لأي إشارات تتعلق بالنمو الاقتصادي، والإنفاق على التكنولوجيا، وسياسات الفائدة الفيدرالية، وهي عوامل ستحدد مسار الأسواق في الأسابيع المقبلة.
