تحوّل ترامب ضد الاقتصاد الروسي يربك أسواق النفط العالمية

الرئيس الأميركي دونالد ترامب(الوكالة الوطنية للإعلام)
ورد في تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال إن الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على روسيا بدأت تُحدث ارتدادات كبيرة في أسواق النفط العالمية، حيث انخفض سعر النفط الروسي إلى أوسع خصم مقابل خام برنت منذ عام 2023، فيما أصبحت ناقلات عديدة محمّلة بالنفط الخاضع للعقوبات بلا وجهة واضحة في عرض البحر، بينما تتجه دول مثل الصين والهند إلى البحث عن إمدادات بديلة.
وبحسب وول ستريت جورنال، فإن الخام الروسي يُتداول حالياً عند أعمق خصم سعري أمام خام برنت منذ أكثر من عام، مع تضاؤل القدرة على تصريف الكميات الخاضعة للعقوبات الأميركية الجديدة. ودخلت العقوبات التي تستهدف شركتي لوك أويل وروسنفت حيز التنفيذ اليوم الجمعة، وهو ما بدأ يعيد تشكيل طرق الإمداد العالمية ويختبر قدرة موسكو على تسويق نفطها، الذي يشكل العمود الفقري لاقتصادها.
وقالت وول ستريت جورنال إن الأسواق قد تتكيف لاحقاً مع القيود الجديدة كما فعلت مع القيود السابقة، خصوصاً في ظل الحديث عن خطة سلام خاصة بأوكرانيا تعمل عليها إدارة ترامب قد تفتح الباب أمام تخفيف العقوبات. لكن حتى الآن، فإن آثار الإجراءات الأميركية تتردد بقوة في تجارة النفط العالمية.
وتُظهر بيانات وول ستريت جورنال أن خام روسيا الرئيسي فقد نحو 17% من قيمته منذ إعلان العقوبات، فيما صعد خام برنت. ومنذ غزو أوكرانيا في 2022، ظل النفط الروسي يُباع بخصم سعري، لكن الاتساع المفاجئ لهذا الخصم يعكس مخاوف المشترين من العقوبات الثانوية التي قد تطال المتعاملين مع الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات.
كما أشارت وول ستريت جورنال إلى أن العقوبات الأميركية تسببت في تكدّس عشرات ملايين البراميل من الخام الروسي في البحر، وأن تكلفة شحن النفط ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة. وبحسب شركة فورتكسا، بلغ حجم النفط المخزّن في الناقلات أو قيد النقل 1.4 مليار برميل هذا الأسبوع، وهو أعلى مستوى منذ سنوات.
وقال كبير الاقتصاديين في فورتكسا إن نحو 240 مليون برميل تراكمت على المياه منذ نهاية آب وحتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، موضحاً أن ثلث هذه الكمية تقريباً هي براميل خاضعة للعقوبات لا يرغب المشترون في استلامها، بينما هناك 80 مليون برميل أخرى في رحلات طويلة من الأميركيتين إلى آسيا.
وذكرت وول ستريت جورنال أن الصين والهند، اللتين شكلتا في السنوات الأخيرة ركيزة أساسية لصادرات النفط الروسي، بدأتا بالتوجه نحو أسواق مثل البرازيل وكندا وغيانا لتفادي المخاطر المتزايدة المرتبطة بالنفط الروسي.
ومع استخدام عدد متزايد من الناقلات كمستودعات عائمة أو لرحلات طويلة، ارتفعت أسعار الشحن بنسبة كبيرة. فقد وصل سعر استئجار ناقلة النفط التقليدية إلى حوالي 125,800 دولار يومياً، بزيادة تفوق 48% مقارنة بالفترة التي سبقت إعلان العقوبات على لوك أويل وروسنفت.
وقالت الصحيفة إن الارتفاع المفاجئ في تكاليف الشحن قد يدفع بعض الدول المنتجة إلى تفضيل السوق المحلية على التصدير، ما قد يقلل الإمدادات العالمية في مرحلة حساسة.
وفي روسيا، قالت وول ستريت جورنال إن العقوبات الجديدة تضيف ضغوطاً كبيرة على الموازنة، التي تعتمد على صادرات النفط والغاز بنسبة تصل إلى الثلث. وسمحت عائدات النفط لروسيا بتمويل اقتصادها المحلي ودعم مجهودها العسكري في أوكرانيا طوال الفترة الماضية.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن العقوبات بدأت تُظهر نتائج ملموسة، مشيرة إلى أن ما يقرب من عشرة مشترين رئيسيين في الهند والصين أعلنوا تعليق مشترياتهم من النفط الروسي. كما أظهرت بيانات وول ستريت جورنال أن صادرات المنتجات النفطية الروسية المكررة في النصف الأول من تشرين الثاني سجلت أدنى مستوى لها منذ بدء الحرب.
وأعلنت شركة ريلاينس إندستريز الهندية أنها أوقفت شراء الخام الروسي، موضحة أن آخر شحنة تم تحميلها في 12 تشرين الثاني/نوفمبر.
وبحسب وول ستريت جورنال، تأتي هذه التطورات بينما يعاني الاقتصاد الروسي من تراجع أسعار النفط العالمية ومن توسع في العجز المالي. وتشير البيانات إلى أن إيرادات الصادرات الروسية من الوقود الأحفوري في تشرين الأول هبطت إلى أدنى مستوى منذ بداية الغزو.
