Contact Us
Ektisadi.com
صحة وغذاء

سرطان الرئة: مرض خطير يمكن الوقاية منه

67a15038-eb0e-4542-b766-c064a4baa9a4

يُعدّ سرطان الرئة واحدًا من أكثر الأمراض التي تهدد حياة الإنسان في العصر الحديث، ليس فقط لأنه منتشر، بل لأنه يرتبط بعوامل يمكن السيطرة عليها إلى حدّ كبير. فهذا المرض لا يظهر فجأة، بل يتطوّر عبر سنوات من التعرض لعادات يومية وضغوط بيئية تؤثر تدريجيًا على صحة الإنسان.

يُعتبر التدخين السبب الأساسي للإصابة بسرطان الرئة، إذ تشير الأرقام إلى أن حوالي 85% من الحالات ناتجة عنه. والمشكلة لا تقتصر على المدخّن نفسه؛ فالتدخين السلبي يودي بحياة أكثر من مليون شخص سنويًا حول العالم. وهذا يجعلنا ندرك أن عادة فردية واحدة قد تتحوّل إلى خطر على المجتمع كله. ويأتي تلوث الهواء ليزيد من المشكلة، خاصة في المدن المزدحمة، حيث ترفع الجسيمات الدقيقة خطر الإصابة بنسبة تقارب 20%. وهناك أيضًا مواد كيميائية في بعض أماكن العمل، كأبخرة الديزل وبعض المعادن، تزيد من خطر المرض عند الأشخاص الذين يتعرضون لها يوميًا.

ولا تقتصر مصادر التلوث على السيارات فقط، فالمصانع التي تطلق الدخان والغازات الملوثة في الهواء تساهم بشكل كبير في زيادة أمراض الرئة. كما أن حرق القمامة في الشوارع أو الأراضي المفتوحة يطلق مواد سامة وجسيمات صغيرة يمكن أن تدخل إلى الرئتين بسهولة، وتسبب التهابات ومشاكل تنفسية تتراكم مع الوقت، وقد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة بشكل واضح.

ورغم هذه المخاطر، يمكن الحدّ من المرض بشكل كبير. فالإقلاع عن التدخين يقلل خطر الإصابة إلى النصف تقريبًا بعد عشر سنوات من تركه. كما أن الفحوصات المبكرة, مثل الأشعة المقطعية منخفضة الجرع, تساعد على اكتشاف المرض في مراحله الأولى، مما يزيد فرص العلاج. ويمكن أيضاً تحسين جودة الهواء في المنازل وأماكن العمل عبر التهوية الجيدة وتقليل التعرض للمواد الكيميائية الضارة.

أما على مستوى البيئة، فإن الحدّ من التلوث يتطلب تطبيق قوانين صارمة على المصانع لتقليل الانبعاثات، واستخدام مرشّحات تمنع خروج الملوّثات إلى الهواء. كما يجب منع حرق القمامة في الأماكن العامة، واستبداله بطرق حديثة مثل الفرز وإعادة التدوير ومعالجة النفايات في مراكز خاصة. وتسهم البلديات ووزارة البيئة في نشر التوعية حول خطورة التلوث وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة والنقل الصديق للبيئة.

وقد شهد الطب تطورًا كبيرًا في علاج سرطان الرئة, فالعلاجات المناعية والعلاجات الموجّهة أعطت المرضى فرصًا أكبر للبقاء على قيد الحياة، لأنها تستهدف الخلايا السرطانية بدقة وتقلل من الآثار الجانبية. كما أصبح الطب الشخصي والذكاء الاصطناعي يساعدان في اكتشاف المرض مبكرًا واختيار العلاج الأنسب لكل حالة.

وفي النهاية، يمكن القول إن سرطان الرئة مرض يمكن الوقاية من نسبة كبيرة منه. فاختيارات الفرد، وجهود المجتمع، وسياسات الدولة البيئية، كلها عوامل تساهم في خفض حالات الإصابة. ومع زيادة الوعي وتحسن العلاجات وتنظيم البيئة، يصبح المستقبل أكثر أملًا وصحة