وونغ: هدنة أميركا والصين مؤقتة… والمنافسة الكبرى مستمرة

قال رئيس وزراء سنغافورة لورانس وونغ إن المنافسة الشرسة بين الولايات المتحدة والصين ستستمرّ رغم “الهدنة” التجارية الأخيرة، موضحًا أن لقاء قائدي البلدين فتح فرصة للتواصل وخفض التوتر لكنه لم يُنهِ جذور الصراع بين القوتين الاقتصاديتين.
وجاءت تصريحات وونغ في مقابلة مع رئيس تحرير بلومبيرغ خلال منتدى الاقتصاد الجديد في سنغافورة اليوم الأربعاء.
وأوضح وونغ: "المنافسة الشديدة ستستمر، وأنا متأكد من ذلك. قد تكون هناك هدنة مؤقتة أو استقرار مرحلي في العلاقة، لكنه استقرار كان ضروريًا." وأشار إلى أن وجود “حواجز أمان” بين الطرفين يمنع انزلاقهما نحو فكّ ارتباط كامل أو مواجهة مباشرة.
ولفت رئيس الوزراء، البالغ من العمر 52 عامًا، إلى أنه حذّر مرارًا من أن حرب الرسوم والتوترات التجارية والأمنية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب مع الصين أنهت عصر العولمة والتجارة المفتوحة، وهو النظام الذي ازدهرت فيه سنغافورة. وأضاف أن السياسات الأميركية الصارمة تجاه بكين عززت تصميم الصين على تحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيا والإسراع بنموها.
وتواصل سنغافورة، مثل العديد من دول جنوب شرق آسيا، موازنة علاقتها الحساسة مع القوتين؛ فالصين هي الشريك التجاري الأكبر، بينما تُعدّ الولايات المتحدة المستثمر الأكبر والحليف الأمني الأساسي.
وأشار وونغ إلى أن واشنطن وبكين توصّلتا إلى انفراج محدود خلال قمة في كوريا الجنوبية في تشرين الأول/أكتوبر، رغم استمرار المفاوضات حول كيفية إدارة الصين لصادرات المعادن النادرة التي تسيطر على أسواقها عالميًا. وقبل اللقاء، كان ترامب والرئيس شي جين بينغ في دوامة من الإجراءات المتبادلة التي هددت التجارة العالمية.
وقال وونغ: "نحن لا نحتاج إلى الاختيار بين الطرفين. سنواصل التعامل مع كل قضية بمفردها ومن خلال منظور مصلحتنا الوطنية."
وأضاف أن الولايات المتحدة ما زالت تلعب دورًا أساسيًا في حفظ السلام والاستقرار العالميين، وأنها قادرة على مواصلة هذا الدور مستقبلًا على الرغم من نهج “أميركا أولًا”. وتابع: "نأمل بالتأكيد أن تعود أميركا للانخراط العالمي ربما ليس الآن أو في ظل هذه الإدارة لكن سيأتي وقت تستعيد فيه دورها البنّاء مع شركائها الرئيسيين."
أبرز النقاط الأخرى التي طرحها وونغ في الحوار:
• الوضع في تايوان:
قال إن واشنطن لطالما كانت "حذرة ومتسقة" في سياستها تجاه تايوان، مستندة إلى قانون العلاقات مع تايوان وسياسة “الصين الواحدة”، مشددًا على أن هذا النهج يسهم في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
• مستقبل آسيان:
رأى أن رابطة دول جنوب شرق آسيا ترغب في الاندماج بشكل أسرع والتحوّل إلى سوق موحدة، لكنها تواجه تحديات بسبب اختلاف مستويات التنمية بين أعضائها. وقال: "لسنا جاهزين بعد للتفاوض بشكل جماعي."
• الطاقة النووية:
أكد أن الحكومة تدرس خيار الطاقة النووية بجدية في ظل الطلب المتزايد على الكهرباء بسبب طفرة الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن سنغافورة دولة صغيرة ولا تستطيع توسيع الطاقة المتجددة بما يلبي احتياجاتها، وأن مستقبل الطاقة النووية يعتمد على تطور التكنولوجيا وقدرتها على ضمان أعلى معايير السلامة. كما أشار إلى أن شبكة طاقة موحدة لآسيان أو حلول الهيدروجين خيارات ممكنة لكنها “مكلفة وبعيدة المدى”.
• إدارة الثروات ومعالجة عدم المساواة:
قال إن سنغافورة تنوي مواصلة تعزيز قطاع إدارة الثروات بالتوازي مع مكافحة الفوارق الاجتماعية، موضحًا أن ذلك لا يعتمد حصريًا على ضرائب الثروة بل على سياسات اجتماعية مثل السكن المدعوم الذي يتيح خلق ثروة وانتقالها بين الأجيال.
• مواجهة التدفقات غير المشروعة:
وفقًا لبلومبيرغ، اعترف وونغ بأن كون سنغافورة مركزًا ماليًا عالميًا يجعلها عرضة لدخول بعض التدفقات غير المشروعة أو “الذباب” كما وصفه، لكنه أكد: "لدينا مضرب ذباب كبير. نحن صارمون، ونتخذ إجراءات سريعة، ونحن مصممون على حماية سمعتنا كمركز مالي وتجاري موثوق."
