الرئيس جوزاف عون مفتتحاً بيروت وان: لبنان لا ينتظر صدقة بل ثقة



خلال إفتتاح رئيس الجمهورية اللبناني مؤتمر بيروت ون، بيروت، ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥ (إقتصادي.كوم)
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في افتتاح مؤتمر "بيروت 1"، أن المؤتمر ليس مجرد حدث اقتصادي، بل خطوة أولى لإطلاق فصل جديد في نهضة لبنان، عنوانه الثقة والشراكة والفرص. وأوضح أن الهدف الأساسي هو إعادة بناء الدولة على أسس متينة، وتعزيز الثقة داخليًا وخارجيًا.
وأشار الرئيس عون إلى أن الحكومة أصدرت قوانين أساسية لتعزيز الشفافية والمساءلة، وبدأت خطوات عملية لإعادة بناء المؤسسات، بحيث تكون الكفاءة فوق المحسوبيات والقانون فوق الاستنساب، مع تفعيل الهيئات الرقابية لضمان حسن الأداء.
كما شدد على أن الأمن الداخلي مؤمن ومستقر، قائلاً إن المستثمر يجب أن يشعر بأن حمايته ثابتة بالقانون، وليس مرتبطة بمزاج السياسة، مضيفًا أن الاستقرار الأمني يجب أن يكون دائمًا، وليس مجرد تهدئة مؤقتة.
وتحدث الرئيس عن صعوبة الإصلاحات مشيرًا إلى أنها تواجه مقاومة داخل النظام نفسه، لكنه أكد أن العمل مستمر، معتبراً أن النمو الحقيقي يتحقق عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يضع القطاع العام الإطار والقوانين، ويقود القطاع الخاص التنفيذ وخلق فرص العمل ودفع الابتكار وتحريك الاقتصاد.
وأكد أن لبنان الذي تطمح الحكومة لتحقيقه سيكون منصة استثمارية منفتحة وطموحة، تجمع بين موقع جغرافي استراتيجي وطاقات بشرية مميزة وفرص واسعة في مختلف القطاعات، مشيراً إلى أن هذه الرؤية الوطنية الجديدة، التي وضعها وزير الاقتصاد عامر البساط بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، واقعية وقابلة للتنفيذ ومبنية على خطط وأرقام واضحة.
ووجّه عون نداءً إلى كل صديق للبنان وكل مستثمر وشريك محتمل، قائلاً إن لبنان لا يطلب تعاطفًا بل ثقة، ولا ينتظر صدقة بل يقدم فرصة، معتبرًا أن حضورهم اليوم يمثل استثمارًا في الاستقرار والطاقات الشابة ومستقبل أفضل.
كما رحّب بالوفود الأجنبية مشيدًا بالمشاركين السعوديين للمرة الأولى منذ فترة، وبالسفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، معبرًا عن تقديره للرئيس الأميركي دونالد ترامب على دعم لبنان، ومتطلعًا إلى تعاون أوسع على جميع المستويات. وختم كلمته بالقول "إن "بيروت واحد خطوة أولى لإعادة العاصمة إلى مكانتها، ولتأكيد أن لبنان أولاً".
نص كلمة الرئيس عون كاملاً في افتتاح بيروت ون
وكان المؤتمر قد افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني ثم تحدث رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد ، ثم ألقى بعدها وزير الاقتصاد عامر بساط كلمة، وبعدها كانت كلمة الرئيس عون كلمة، وهنا نصها:
"أيّها الحضور الكريم،
أصدقاءنا من لبنان ومن العالم، من القطاع الخاص، من دول شريكة وصديقة، ومن مجتمعنا الاغترابي المبدع… أرحّب بكم جميعًا في مؤتمر بيروت 1، في لقاءٍ أردناه أكثر من مؤتمر اقتصادي. أردناه بداية فصل جديد من نهضة لبنان، فصل عنوانه الثقة والشراكة والفرص.
قد يسأل البعض: لماذا الآن؟ كيف نعقد مؤتمرًا للاستثمار وسط تحديات أمنية واقتصادية وسياسية؟ والسؤال مشروع. لكنّ الإجابة واضحة: لا نبني المستقبل عندما تهدأ العواصف، بل نصنع الهدوء عبر البناء. ونحن لا نُجمل الواقع ولا ننكر الأوجاع، لكنّ اليأس لا يرمّم دمارًا، والصمت لا يصنع ثقة. الأفعال وحدها هي التي تغيّر المسار.
لقد بدأنا بالفعل مسار إصلاحات حقيقية. أقررنا قوانين أساسية تعزّز الشفافية والمساءلة، وأطلقنا خطوات جدّية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس صلبة، تتقدم فيها الكفاءة على المحسوبيات، ويعلو فيها القانون على الاستنساب. نعمل على تفعيل هيئات الرقابة والمحاسبة لأن الدولة التي تُحاسب مسؤوليها وتحمي مواردها هي الدولة القادرة على حماية المستثمر والمواطن معًا.
ونحن من هذا المنطلق نُعيد تأكيد انفتاح لبنان على محيطه العربي والدولي. لبنان يجب أن يستعيد دوره الطبيعي لاعبًا اقتصاديًا وثقافيًا في المنطقة، وجسرًا بين الشرق والغرب، ومنصةً للتعامل والتعاون بين الشركات والمستثمرين والمؤسسات الإنمائية. انفتاحنا ليس شعارًا، هو توجه فعلي نحو شراكات جديدة، نحو الأسواق المحيطة، ونحو تعزيز مكانة لبنان في خارطة الأعمال الإقليمية والدولية.
وفي موازاة ذلك، عملنا ويستمر عملنا على تثبيت الأمن الداخلي. فالمستثمر الذي يأتي إلى لبنان يجب أن يكون مطمئنًا أن حمايته ليست خاضعة لمزاج السياسة، بل راسخة بثبات القانون. الأمن الذي نريده ليس أمن تهدئة موقتة، بل أمن استقرار مستدام.
وأود هنا أن أكون واضحًا وصريحًا: الإصلاحات التي نقوم بها ليست سهلة، وتواجه مقاومة داخل النظام نفسه، لأن التغيير الحقيقي يَمسّ مصالح مترسخة. لكنّنا مستمرون.
الرؤية التي نحملها اليوم واضحة: النمو الحقيقي لا يصنعه القطاع العام وحده، ولا القطاع الخاص وحده، بل الشراكة بينهما. دور الدولة أن تُمكّن، أن تضع الإطار، أن تضمن النزاهة والمنافسة، وأن تفسح المجال للقطاع الخاص كي يقود التنفيذ، وكي يعيد خلق فرص العمل، ويدفع بالابتكار، ويعيد الحركية للاقتصاد.
لبنان الذي نطمح إليه — ونعمل لأجله — هو منصة استثمارية منفتحة وطموحة، تجمع بين موقع جغرافي استراتيجي، وطاقات بشرية مميزة، وفرص واسعة في قطاعات متعددة. وهذه هي الرؤية الوطنية الجديدة التي أطلقها وزير الاقتصاد الدكتور عامر بساط بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي برئيسه الاستاذ شارل عربيد وبالتنسيق الكامل مع الحكومة: رؤية واقعية، قابلة للتنفيذ، تستند إلى أرقام وخطط وتوقيتات واضحة.
ومن هنا، من بيروت، أوجه نداءً إلى كل صديق للبنان، إلى كل مستثمر، إلى كل شريك محتمل: لبنان لا يطلب تعاطفًا، بل ثقة. لا ينتظر صدقة، بل يقدّم فرصة. وجودكم هنا اليوم هو استثمار في الاستقرار، في الطاقات الشابة، في مستقبلٍ سيكون أفضل إذا سرنا فيه معًا.
لذلك أكرر الشكرِ الصادق لكم جميعاً، ولكلِ الوفود الأجنبية المشاركة. من مختلف الدول الشقيقة والصديقة. فرداً فرداً.
إن وجودَكم هنا اليوم، وفي هذا الحدث بالذات، هو موضعُ تقديرٍ كبيرٍ من كل لبناني.
واسمحوا لي في هذا السياق، أن أرحب بشكل خاص، بالأشقاء السعوديين، المشاركين للمرة الأولى في مناسبة لبنانية على هذا المستوى، منذ مدة كانت كافية لتشتاق بيروت إليهم، ويشتاقون إليها.
كما إسمحوا لي أن أرحب مرة جديدة، بالوافد الدبلوماسي الجديد، السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى. إن اختيارَك في هذا المركز، ووجودَك معنا اليوم، هو لفتة معبّرة جداً من الرئيس دونالد ترامب حيال لبنان. ونحن نقدّرُ ذلك ونثمّنه. ونجدد شكرنا لإدارته على كل الدعم. ونتطلع إلى مزيد من التعاون على كافة المستويات.
بيروت واحد، هي خطوة أولى، لتعود بيروت أولى، ولبنان أولاً.
عشتم، عاش لبنان سيداً، قويًا، ومزدهرًا".
