Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

توتر صيني-ياباني قد يكبّد الأخيرة خسارة بقيمة 14.2مليار دولار

a_professional_editorial-style_illustration_representing_rising_tensions_between_china_and_japan-_a_73ep1wqlfqgm18cd8ugy_1

تُصعِّد الصين مواجهتها مع اليابان على خلفيّة تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية سانائي تاكيئيشي بشأن تايوان، إذ هدّدت وسائل إعلام رسمية باتخاذ “إجراءات مضادّة كبيرة” بعد أن أثارت التحذيرات الصينية المتعلقة بالسفر مخاوف من ردّ اقتصادي محتمل.

ذكرت بلومبيرغ أن حساب " يويوانتانتيان " المرتبط بالتلفزيون الحكومي الصيني، والذي يُستخدَم عادةً للإشارة إلى التوجهات الرسمية، نشر تعليقاً خلال عطلة نهاية الأسبوع قال فيه إنّ بكين “أكملت استعداداتها لردٍّ جوهري.” وقد ألمح المنشور إلى احتمال فرض عقوبات، أو تعليق العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، أو فرض قيود تجارية كخيارات للرد.

وبعد ساعات، عزّزت صحيفة جيش التحرير الشعبي الرسالة ذاتها عبر نشر تعليق لباحث مقرّب من الدولة، حذّر فيه من أنّ تدخل الجيش الياباني في مضيق تايوان سيجعل "البلاد كلها في خطر التحوّل إلى ساحة معركة ".

هذا التصعيد الدبلوماسي يهدد بتقويض التقدّم الأخير في العلاقات الثنائية، بعد أسابيع فقط من لقاء تاكيئيشي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ واتفاقهما على تحسين العلاقات. كما يهدد بتوجيه ضربة للشركات العاملة بين البلدين، في ظل تحذيرات الصين رعاياها من مخاطر متزايدة في اليابان.

وقد يطال هذا القرار ملايين السياح الصينيين الذين يشكلون نحو ربع الزائرين السنويين لليابان، ما ساهم في تراجع أسهم شركات السياحة والسفر، وهبط سهم شركة Shiseido بنسبة وصلت إلى 11% الاثنين. كما حدّثت هونغ كونغ تحذيراتها الخاصة بالسفر إلى اليابان، بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.

وذكرت هيئة الإذاعة اليابانية أن طوكيو سترسل دبلوماسياً رفيعاً إلى الصين اليوم الاثنين في محاولة لتهدئة التوترات، نقلاً عن مسؤول في وزارة الخارجية. كما قد يوفر قمة قادة مجموعة العشرين هذا الأسبوع في جنوب أفريقيا فرصة للقاء بين تاكيئيشي ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، رغم عدم تأكيد عقد اجتماع، وفقاً لبومبيرغ.

ويأتي التوتر بين الصين واليابان بعد وقت قصير من استقبال أوروبا لنائب رئيس تايوان لأول مرة منذ عام 2002 خارج محطات العبور، ما أثار غضب بكين. كما جاء ذلك وسط حراك دبلوماسي متزايد بين تايوان والاتحاد الأوروبي، وهو ما يتعارض مع استراتيجية بكين لعزل الجزيرة، بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.

بالنسبة لليابان، فإنّ الرهانات الاقتصادية كبيرة. فالصين هي الشريك التجاري الأكبر لطوكيو، وأشار تعليق حساب الرسمي " يويوانتانتيان" إلى أنّ المصنّعين اليابانيين يعتمدون بشكل كبير على الواردات الصينية من المواد الحيوية.

وقدّر الاقتصادي تاكاهيدي كيوأتشي من معهد نومورا — وعضو مجلس إدارة سابق في بنك اليابان — أنّ التحذير الصيني من السفر قد يخفض ما يصل إلى 2.2 تريليون ين (14.2 مليار دولار) من اقتصاد اليابان، أي ما يعادل 0.36 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح أن تقديره يستند إلى حالات مشابهة، إذ انخفض عدد الزوار الصينيين بنحو 25% في 2012 بعد نصيحة حكومية صينية بعدم زيارة اليابان عقب تأميم طوكيو لجزر متنازع عليها. وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، ساهم ذلك في تراجع بأكثر من 10% في الصادرات السنوية، وفقاً لوكالة بلومبيرغ.

وقال هومين لي، خبير استراتيجي اقتصادي في شركة Lombard Odier في سنغافورة: "من المعقول توقع تأثير سلبي محدود على قطاع الخدمات في اليابان خلال الأشهر المقبلة". وأشار إلى أن قطاعات البيع بالتجزئة والترفيه والعقارات وشركات الطيران المرتبطة بالسياح الصينيين ستتأثر سلباً.

وذكرت بلومبيرغ أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع، أرسلت بكين أربع سفن تابعة لخفر السواحل — ومزوّدة بالسلاح — إلى مياه متنازع عليها تسيطر عليها اليابان، قبل أن تغادر، في مؤشر إضافي على التوتر.

ويمثل هذا التدهور المفاجئ في العلاقات انعطافة حادة بعد لقاء تاكيئيشي وشي على هامش قمة APEC في كوريا الجنوبية، حيث تعهدا “بتعميق علاقتهما الشخصية.” كما أثارت تاكيئيشي في الاجتماع قلقها من القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية والهواتف الذكية.

لكن تاكيئيشي معروفة بمواقفها الودية تجاه تايوان، ما جعلها تواجه شكوكاً مسبقة من بكين منذ توليها المنصب. فالصين شديدة الحساسية تجاه أي تصريحات تخصّ تايوان، الجزيرة التي تقول إنها ستستعيدها يوماً ما، بالقوة إذا لزم الأمر.

وقال ديلان لو، الأستاذ المشارك في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة:" لأنها في بداية عهدها السياسي، ولأن موقعها ليس مستقراً تماماً بعد، ترى الصين أنها قادرة على اختبار الحدود بشكل أكبر، وفقاً لبلمبيرغ. وأضاف: "لكن ردود الفعل في بكين ليست مجرد استعراض، بل حقيقية للغاية".

ويمثل هذا التوتر مع الصين أول تحدٍّ كبير لتاكيئيشي في السياسة الخارجية منذ تولّيها رئاسة الوزراء في تشرين الأول/أكتوبر.