Contact Us
Ektisadi.com
صحة وغذاء

صالة الحديد بين القوة المنجَزة والمخاطر المخفية

IMG_0836

تمتاز تمارين رفع الأثقال أو ما يُعرف بتمارين المقاومة بأنها إحدى الطرق الأكثر فعالية لبناء القوة وتحسين صحة الجسم على المدى البعيد، وليس فقط من أجل جسم ضخم، بل لتقوية العظام وتحسين التمثيل الغذائي. فعلى سبيل المثال، ينصح خبراء مايو كلينك بممارسة تمارين القوة مرتين على الأقل أسبوعيًا لكل مجموعة عضلية، مع استخدام وزن يُجهد العضلة بعد 12–15 تكرارًا تقريبًا، وهو ما يساهم في تحفيز النمو العضلي بطريقة آمنة وفعالة.

أظهرت دراسات منهجية وسلسلة مراجعات أن التدريب بالمقاومة يمكن أن يزيد من كثافة المعادن في العظام، خصوصًا لدى كبار السن. ففي تحليل لـ 4 دراسات عشوائية شملت 182 من كبار السن الذين يعانون من السمنة العضلية (osteosarcopenic obesity)، أدى 12 أسبوعًا من تدريبات المقاومة إلى زيادة في كتلة العضلات بمقدار متوسط قدره 1.19 كجم، وتحسن في كثافة العظام (زيادة قدرها 0.01 غرام/سم²)، وتقليص نسبة الدهون في الجسم بنسبة 1.61٪ تقريبًا.

ولدى النساء الأكبر سنًا، أثبتت دراسة تجربة عشوائية استمرت 24 أسبوعًا أن التمرين بالمقاومة يحسن اللياقة الوظيفية، ويقلل من كتلة الدهون، ويزيد الكتلة غير الدهنية، ويحسّن أيضًا كثافة العظام (BMD).

من الناحية الصحية الأوسع، تشير بعض التقارير إلى أن ممارسة تمارين تقوية العضلات (مثل رفع الأثقال) يمكن أن تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري والسرطان وأمراض القلب. حسب تحليل للدراسات، يمكن لمجرد 30 دقيقة من نشاط تقوية العضلات أسبوعيًا أن تقلل من خطر الوفاة بمعدل يتراوح بين 10٪ و20٪.

أما من منظور الأداء اليومي والوظيفي، فحسب تقرير نشرته الجزيرة نت، فإن ممارسة تمارين الأثقال مرتين على الأقل أسبوعيًا تندرج ضمن توصيات الصحة الدولية، ويمكن أن تحسن القدرة على القيام بالأنشطة الحياتية البسيطة، مثل حمل أكياس البقالة، حتى في أعمار متقدمة.

لكن مع هذه الفوائد الكبيرة، لا يمكن تجاهل المخاطر المحتملة التي ترافق التمرين الخطر أو غير المنضبط. من أكثر المشاكل شيوعًا الاستخدام غير السليم للأوزان أو تجاوز القدرة التقنية، ما قد يؤدي إلى إصابات في المفاصل أو الأعصاب أو تمزقات في الأوتار، كما تحذر مواقع طبية مرموقة مثل مايو كلينك.

علاوة على ذلك، عند المبالغة في التمرين دون فترات راحة كافية، قد ينجم ما يُعرف بالإجهاد التدريبي (overtraining)، وهو ما قد يسبب انخفاضًا في المناعة، اضطرابًا في الهرمونات، وتراجعًا في الأداء النفسي والجسدي.

ومن جهة أخرى، يبرز تحدٍّ عند كبار السن فيما يخص فقدان العضلات مع التقدم في العمر؛ إذ تفقد بعض النساء حوالي 8٪ من كتلتها العضلية سنويًا بعد سن الخمسين، بحسب تحذيرات طبيبة من مايو كلينك نقلتها دراسة في CNN العربية. لكن تمارين المقاومة تُعد وسيلة فعالة لمقاومة هذا التراجع، فإذا ما واظب الأكبر سنًا على التمرين الصحيح، فإنهم قد يحافظون على كتلة عضلية وكثافة عظمية أفضل مما لو كانوا لا يمارسون هذا النوع من التمارين.

أخيرًا، يمكن القول إن ممارسة تمارين الحديد تمثل توازنًا دقيقًا بين القوة والمخاطر: المكاسب المحققة من بناء العضلات، حماية العظام، تحسين الأيض، وتقليل مخاطر الأمراض يمكن أن تكون ملحوظة، وذلك وفق إحصائيات ودراسات علمية. لكن هذه المكاسب لا تأتي بدون التخطيط الجيد: يجب مراعاة التكرار، الأحمال، التقنية، وفترات الراحة بوعي، بحيث يكون التمرين وسيلة للنمو وليس مصدرًا للأذى.