كرامي: المدرسة الوطنية قلب بناء الدولة وحامية الهوية الوطنية

مهرجان الاستقلال في قلعة راشيا برعاية وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي وبمشاركة اتحاد بلديات جبل الشيخ(الإنترنت)
"لقاؤنا اليوم في قلعة راشيا يجسّد وحدة طلاب لبنان من الشمال إلى الجنوب، ومن بيروت إلى البقاع والجبل، حيث يلتقي الجميع في نسيج وطني جامع" هكذا اردفت كلماتها وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي في احتفال عيد الاستقلال الذي أقيم في قلعة راشيا واكدت أن الاستقلال لا يقتصر على غياب الوصاية، بل يرتبط بحماية الهوية الوطنية وترسيخ قيم المواطنة في المجتمع والمؤسسات التعليمية ، وأضافت أن وزارة التربية تلعب دورًا محوريًا في بناء المواطن وتعزيز الانتماء للوطن، وغرس القيم الوطنية منذ المراحل التعليمية الأولى.
كما افتتحت الاحتفال منسقة المهرجان فريال صعب رئيسة اللجنة السياحية في بلدية راشيا، التي رحبت بالحضور وقالت: "نجتمع اليوم في قلعة الاستقلال لنحتفل بعيد الاستقلال مع طلاب لبنان الواحد، لبنان التلاقي والعيش المشترك. لبنان المستقبل لن يتحقق إلا بالاستقلال التام تحت سقف الدولة اللبنانية ومظلة العلم الوطني، هذه القلعة التي تحمل مجد لبنان، ومنها انطلق الاستقلال."
وتحدث رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي عن أهمية استعادة الدور التربوي للبنان، مؤكدًا قرب افتتاح متحف الاستقلال في القلعة ليصبح من أبرز المعالم الثقافية والسياحية. كما شكر النائب وائل أبو فاعور لدوره البارز في دعم المبادرات الوطنية.
من جانبه، رحب رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ نظام مهنا بالحضور، مؤكدًا أن التربية لا تقتصر على التعليم فقط، بل تهدف إلى بناء الشخصية الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن والمجتمع، مخاطبًا الطلاب: "أنتم أمل لبنان ومستقبله، فكونوا يدًا واحدة ترفع علم لبنان بالمحبة والالتزام، ولا تسمحوا للطائفية أو السياسة أن تفرق بينكم".
وألقى النائب وائل أبو فاعور كلمة رحّب فيها بالوزيرة وبالطلاب من جميع المناطق اللبنانية، مشددًا على أهمية الوحدة الوطنية وضرورة بناء جيل المستقبل بلا انقسامات أو ضغائن، واصفًا الطلاب المشاركين بأنهم "جيل الأمل والوطنية".
وشهد الاحتفال حضور ممثلين سياسيين ودينيين، من بينهم ممثل النائب قبلان قبلان، قائمقام راشيا نبيل المصري، وأعضاء اتحاد بلديات جبل الشيخ، مدراء التعليم الثانوي والأساسي، مخاتير، رؤساء بلديات، وفاعليات تربوية وثقافية واجتماعية من مختلف المناطق، بالإضافة إلى المدارس الأرثوذكسية والمستشار الإعلامي في وزارة التربية ألبير شمعون ومسؤولو دراسات من مختلف المناطق، ما أضفى على المناسبة طابعًا وطنيًا جامعًا يعكس التنوع اللبناني ويؤكد وحدة الصف في الذكرى الوطنية المهمة.
أكدت وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي أن وزارة التربية تتحمل مسؤولية استثنائية في مرحلة حساسة من تاريخ لبنان، حيث تتنازع السرديات وتضعف الثقة بالدولة وتهدد قيم العيش المشترك. واعتبرت أن مهمتها الأساسية هي إعادة صياغة السردية الوطنية الواحدة من خلال التربية، بحيث تجمع اللبنانيين وتعيد الاعتبار لفكرة الدولة الحاضنة الجامعة، دولة تتجاوز الانقسامات وتفتح أمام أبنائها مساحة آمنة لعيش كريم قائم على القانون والصالح العام.
ثم أضافت أن المدرسة الوطنية تمثل النموذج الأسمى لما تهدف إليه التربية في لبنان، فهي وطنية في رسالتها، تنوعها، شراكتها وانفتاحها على المجتمع، وتُجسّد رؤية التربية 2030 التي أطلقتها الوزارة، والتي تقوم على سبعة مجالات مترابطة تشمل التعليم النوعي، القيادة التربوية الفاعلة، البنية التحتية العصرية، الرقمنة التربوية، التعليم الشمولي، التعاون مع المجتمع المحلي، والشراكات مع الجامعات ومؤسسات البحث والتطوير. وأكدت أن هذه المدرسة تُنصف كل طفل وطفلة، وتفتح أبوابها أمام الجميع دون تمييز، وتربط المتعلم ببيئته ومجتمعه، وتستثمر التكنولوجيا كجسر للمعرفة لا كترف، وتوفر مكانًا آمنًا يربّي ويعلّم، ويمنح الطالب شعور الانتماء والقدرة على الإبداع.
وأشارت الوزيرة إلى أن وجودها بين هذا الجمع الكبير من المدارس والثانويات من مختلف مناطق الوطن أعاد إليها اليقين بأن المدرسة الوطنية ليست حلمًا بعيدًا، بل حقيقة بدأت تستعيد دورها كمنارة للتغيير والبناء. وأوضحت أن تأسيس الدولة الحديثة يتطلب مسارًا إصلاحيًا قد يكون مؤلمًا، وأن بعض القرارات، حتى لو بدت غير شعبية، ضرورية لحماية المدرسة الرسمية وضمان استقرارها، مثل ملف المنتدبين الذي يهدف إلى سد الفراغ الناتج عن انتقال جزء من الملاك إلى التعليم الثانوي، وتخفيف الأعباء المالية، وإعادة تشكيل مجالس المدارس بشكل سليم لضمان أداء تعليمي مستقر، مع مراعاة الواقع الملح لبعض الثانويات وحاجتها للمنتدبين وفق معايير تربوية واضحة تضع مصلحة التلامذة والتربية فوق أي اعتبارات خاصة أو ضيقة.
كما توقفت الوزيرة عند دور الإعلام في هذه المرحلة الحساسة، معتبرة أن الصحافة هي السلطة الرابعة، عين ساهرة على الحقيقة وصوت وطني مسؤول، ودعت الإعلاميين إلى التحقق من الأخبار وعدم الانجرار وراء شغف السبق أو النزاعات السياسية العقيمة، مؤكدة أن الوزارة تضع أبوابها وبياناتها ومعلوماتها في متناول الإعلام ضمن الأصول القانونية، لتكون الشريك في حماية المدرسة الرسمية ورفع رايتها، وتذكير الجميع بأن كثيرًا من أقلام الإعلاميين كتبت كلماتها الأولى على مقاعد هذه المدارس.
وأوضحت كرامي أن الاجتماع بحضور الطلاب يحمي الوجدان اللبناني من الانقسام، ويمنح الشباب ذاكرة مشتركة وسردية واحدة لوطن واحد، مؤكدة أن الطلاب هم حملة راية الأمل في مستقبل أكثر تماسكًا وعدلاً. وشددت على أن تجديد المناهج هو تعبير عن الالتزام بأن تعكس هذه المناهج تاريخًا وطنيًا مشتركًا، وأن ينتقل تعليم المواطنة من الكتب إلى الممارسة والسلوك، وأن يكون المعلم مجهزًا بالمعرفة والمهارات اللازمة ليكون رسولًا للانفتاح والحوار والعقلانية، محققة التكامل بين الممارسة والمصدر.
لتؤكد أن التربية ليست ترفًا أو قطاعًا خدميًا، بل مشروعًا وطنيًا متكاملًا يُبنى من خلاله الوطن وتُصان الدولة وأن الجيوش تحمي الحدود بينما تحمي التربية الوجدان الوطني من التفكك وتضمن بقاء الشعب واحدًا رغم اختلافاته. وختمت كرامي كلمتها بالتأكيد على أن التربية اللبنانية تظل صوت الدولة ورسالتها وأداتها لبناء التماسك الوطني، داعية الطلاب إلى إعادة اكتشاف وطنهم ليس كمجرد جغرافيا، بل كحالة إنسانية فريدة تجمع بين التنوع والوحدة، الحرية والانتماء، العقل والإيمان، وشكرت كل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء من المدارس والثانويات والطلاب، مؤكدة أن هذه المناسبة تمثل نقطة انطلاق نحو استقلال تربوي يعيد بناء المواطن ويحمي المجتمع بالقيم والمعرفة، ويجعل من المدرسة الوطنية بوابة لعبور لبنان الذي يحلم به الجميع.
كما أشادت بدور النائب وائل أبو فاعور واهتمامه ومتابعته وجهوده في إنجاح هذا النشاط الوطني والتربوي
