العدالة على المحك... انتخابات نقابة المحامين تخلط أوراق النفوذ في بيروت

لم تكن بيروت يوماً خارج العاصفة، فهي منذ عقود مركز الاهتزازات السياسية ومرآة نبض اللبنانيين مع كل استحقاق انتخابي، أياً كان حجمه. قبل أشهر، هزّت صناديق البلدية ساحاتها، واليوم تعود المدينة نفسها لتتشح بإيقاع مختلف؛ إيقاع العدالة. فانتخابات نقابة المحامين في بيروت تعود لتضعها في قلب مشهد ديمقراطي يتجدد فيه الوعد بالمصداقية، وتُستعاد فيه صورة النقابة كواحةٍ للمؤسسات الحرة.
على خط التنافس، تدور معركة ضارية على عضوية النقابة بين المرشحين عماد مارتينوس وإيلياس بازرلي، في استحقاق يختلط فيه المهني بالسياسي، رغم محاولات التمييز بينهما. فالمحامي فؤاد مطر يؤكد لموقع "إقتصادي.كوم" أن الانتخابات مستقلة بالكامل، بعيدة عن سطوة الأحزاب، حتى وإن كان بعض المحامين يحملون هويات حزبية واضحة. فالانتماء للنقابة، كما يشدد، يجب أن يسمو على أي ولاء آخر، لأن المحامين كالجسد الواحد، ومصلحتهم مشتركة مهما تعددت الخلفيات.
لكن وراء هذا الخطاب، تتردد في الكواليس أحاديث عن انقسامات سياسية ودعم حزبي يسعى إلى التأثير في النتائج، بما يعيد فتح النقاش حول استقلالية النقابة ودورها. ويذكّر هذا المشهد بكلمات الفنان القدير المخضرم صلاح تيزاني خلال تكريمه في المجلس الوطني للإعلام يوم الجمعة الفائت، حين قال إن "الوطن يحتاج إلى تكتّل وناس مخلصين… يد واحدة". فهل يبقى باب العدالة مفتوحاً بلا وصاية؟
ويتحدث مطر عن أجواء الانتخابات بوصفها "عرساً ديمقراطياً"، رغم ما يشوبها من توتر بين الأطراف السياسية، مؤكداً أن السقف الأخلاقي يبقى محفوظاً، وأن احترام الرأي الآخر لا يزال خطاً أحمر لا يُمس.
أما مطالب المحامين فتتمحور حول الحفاظ على المناخ الديمقراطي وتحسين عقود التأمين وصون كرامة المحامي وتأمين رواتب عادلة للمتعاقدين، وهي مطالب تُجمع عليها مختلف الاتجاهات داخل النقابة.
على خط التحالفات، تحظى معركة مقعد النقيب باهتمام أكبر. فحزب الكتائب يدعم إيلي البازرلي إلى جانب التيار الوطني الحرّ والثنائي الشيعي والحزب السوري القومي والحزب التقدمي الاشتراكي. وفي المقابل، يقف حزب القوات اللبنانية خلف عماد مارتينوس، مدعوماً بعدد من النقباء السابقين، من بينهم نهاد جبر وأندره شدياق وسليم الأسطا ورمزي جريج وبطرس دومط وجورج جريج.
حتى الآن، تبقى التوقعات ضبابية، لكن الثابت أن المحامين يتطلعون إلى نقابة حديثة صلبة ومستقلة تكون قادرة على حماية كرامتهم وتعزيز قدراتهم، لتظل النقابة ضمانة لبنان ورمز عدالته الحقيقية.
