Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

أزمة بريطانية وارتباك مالي بعد تراجع حكومة ستارمر عن رفع الضرائب

Doc-P-787980-638583638574092282

الحكومة البريطانية (إنترنت)

تفاقمت الأزمة السياسية داخل الحكومة البريطانية بعدما تراجعت فجأة عن خطتها لرفع ضريبة الدخل، في خطوة وُصفت بأنها زلزال سياسي هزّ ثقة الأسواق وترك حتى أقرب الموالين لرئيس الوزراء كير ستارمر يشكّكون في مستقبله. وجاء هذا التراجع الدراماتيكي في وقت متأخر من مساء الخميس، ما أثار موجة ارتباك واسعة بين دافعي الضرائب، والمسؤولين الحكوميين، وأعضاء حزب العمال.

وفقاً لبلومبيرغ , تشير المعلومات إلى أن وزيرة الخزانة رايتشل ريفز تخلّت عن رفع ضريبة الدخل بعد حصولها على توقعات مالية أفضل من المتوقع، إذ تبيّن أن الفجوة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني بدلاً من 35 ملياراً، ما أتاح لها نظرياً الالتزام بوعد حزب العمال بعدم زيادة ضريبة الدخل. لكن هذا التغيير اللحظي أشعل الأسواق، التي شهدت عمليات بيع حادة للأصول البريطانية قبل أن تتقلب مجدداً مع صدور الأخبار المالية الجديدة.

كما تزامن التخبط المالي مع ارتباك سياسي داخل حزب العمال، إذ أبدى وزراء ونواب بارزون اعتراضهم على أي خرق للوعود الانتخابية، وفي مقدمتهم وزير الصحة ويس ستريتنج ونائبة زعيم الحزب لوسي باول. هذا الرفض الداخلي، الذي جاء بصوت مرتفع خلال الساعات الأخيرة، كشف حجم الضغط الذي يواجهه ستارمر وريفز، وأظهر أن السلطة لم تعد بيد القيادة وحدها، بل موزعة بين أجنحة مختلفة داخل الحزب.

وبحسب استطلاع مؤسسة "يوغوف"، فإن 12% فقط من البريطانيين يرون أن الحكومة أدارت ملف الموازنة بشكل جيد، في مؤشر جديد على تراجع الثقة الشعبية. كما عبّر كبار الاقتصاديين في البلاد عن قلقهم من أن الحكومة تتنقل بين السياسات دون استراتيجية طويلة الأمد، معتبرين أن التقلبات المستمرة تزيد عدم اليقين وتُضعف فرص الاستثمار، بحسب ما ذكرت بلومبيرغ.

بالإضافة , يرى مراقبون أن التراجع المفاجئ عن رفع الضرائب لم يكن فقط نتيجة الحسابات المالية، بل أيضاً بسبب هشاشة القيادة السياسية في مواجهة تمرد داخلي محتمل. ووفق مصادر حكومية، فإن ستارمر وريفز لم يكونا قادرين على تحمل ثمن خرق الوعود الانتخابية، إذ كان من شأن ذلك أن يشعل غضب القواعد الحزبية ويطلق سباقاً مبكراً على قيادة الحزب.

كما يشير مطلعون إلى أن داونينغ ستريت بات اليوم رهينة ضغوط الوزراء والنواب، ما قد يدفع المستثمرين لاعتبار الحكومة أقل قدرة على اتخاذ قرارات صعبة في المرحلة المقبلة. ويضيف آخرون أن الخطر الأكبر يتمثل في أن الأسواق قد تفقد الثقة بقدرة الحكومة على كبح مطالب الإنفاق المتزايدة داخل الحزب.

وفقاً لبلومبيرغ , في ظل هذه التطورات، تستعد ريفز لإعلان موازنة تعتمد على مجموعة من الزيادات الضريبية الصغيرة لسد الثغرة المالية المتبقية، بما يشمل استهداف برامج "التضحية بالراتب" وتمديد تجميد حدود ضريبة الدخل. وتؤكد الحكومة أن الموازنة ستعطي الأولوية للاستقرار المالي، مع اتخاذ خطوات لدعم القدرة المعيشية للمواطنين.

غير أن المشهد السياسي داخل حزب العمال يبقى ضبابياً، إذ يتحضّر عدد من كبار قادة الحزب لاحتمال منافسة على القيادة في حال تدهورت الأوضاع أكثر. ويُنظر إلى وزير الصحة ويس ستريتنج ووزيرة الداخلية شبانة محمود كأبرز المرشحين من الجناح اليميني للحزب، في حين تبقى أنجيلا راينر الأكثر شعبية لدى القواعد الحزبية، ما يجعلها منافسة قوية في أي سباق محتمل.

ختاماً , بينما تحاول الحكومة احتواء تداعيات الساعات الثماني والأربعين الماضية، تتزايد الشكوك بشأن مستقبل ستارمر وقدرته على استعادة السيطرة السياسية والاقتصادية قبل إعلان الموازنة في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، وسط ترقب داخلي وخارجي لأي إشارة على اتجاه الحكومة في المرحلة المقبلة.