بعد فوز ممداني في الانتخابات, البيت الأبيض يراجع تمويل نيويورك

ممداني وترامب-الجزيرة نت
أمضى مساعدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأيام التي تلت فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك في مراجعة التمويلات الفيدرالية المخصصة للمدينة، تمهيدًا لاحتمال تعليقها أو إلغائها، في خطوة تعكس توجّهًا انتقاميًا على خلفية فوز المرشح ذي التوجهات الاشتراكية الديمقراطية، وفقًا لما نقلته وكالة بلومبيرغ عن مسؤول في البيت الأبيض.
وأوضح المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الإدارة تنتظر موافقة الرئيس ترامب قبل تجميد أي تمويل، مشيرًا إلى أن البيت الأبيض وفريق ممداني الانتقالي لم يتواصلا بعد بشأن هذه المسألة. ولم يحدد المسؤول البرامج الفيدرالية التي قد تكون مهددة بالاقتطاع في حال قرر ترامب تنفيذ تهديداته بسحب التمويل، بعد أن حثّ مرارًا الناخبين على التصويت ضد ممداني خلال الحملة الانتخابية.
وقال ممداني كما نقلت وكالة بلومبيرغ، في مقابلة مع شبكة إن بي سي نيويورك بُثت الثلاثاء، إنه سيتواصل مع البيت الأبيض بعد توليه المنصب رسميًا، مضيفًا: "هذه العلاقة ستكون حاسمة لنجاح المدينة، وسأسعى إلى التعاون لما فيه مصلحة كل من يعيش في نيويورك، ولكن إذا كان أي إجراء على حساب سكان المدينة، فسأقف في وجهه."
وفاز ممداني الأسبوع الماضي بمنصب العمدة رقم 111 لمدينة نيويورك بعد حملة انتخابية ذات توجه تقدمي واضح، دعا خلالها إلى تجميد الإيجارات لأكثر من مليون وحدة سكنية خاضعة للرقابة، وتوفير رعاية أطفال شاملة، وتمويل حافلات مجانية، وتشغيل متاجر بقالة مملوكة للمدينة، معتمداً على فرض ضرائب إضافية على الشركات وكبار أصحاب الدخل لتمويل هذه الخطط.
هذا البرنامج أثار قلق أوساط المال والأعمال في نيويورك، بل وحتى عدد من أبرز الديمقراطيين، ما أدى إلى ردّ فعل قوي. فقد دعم مايكل بلومبيرغ، العمدة الأسبق ومؤسس شركة بلومبيرغ إل بي ، منافس ممداني أندرو كومو، حاكم نيويورك السابق، وساهم في تمويل لجنة عمل سياسي دعمت حملته.
وفي خطاب النصر الأسبوع الماضي، وجه ممداني حديثه مباشرة إلى الرئيس ترامب قائلاً: "إلى دونالد ترامب، أعلم أنك تشاهد، ولدي أربع كلمات لك: ارفع الصوت. لأنك إن أردت الوصول إلينا، فعليك المرور بنا جميعًا."
وخلال الحملة الانتخابية، وصف ترامب ممداني مرارًا بأنه "شيوعي"، محذرًا من أن انتخابه سيشكل ضربة قاسية لمكانة نيويورك كعاصمة مالية عالمية. ودعا ترامب الناخبين إلى دعم كومو الذي خاض الانتخابات كمستقل بعد خسارته في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، كما حاول إقناع المرشح الجمهوري كورتيس سلياوا بالانسحاب لتوحيد الصفوف.
تصاعد المواجهة المحتملة
يرى مراقبون أن انتخاب ممداني قد يفتح الباب أمام مواجهة سياسية جديدة بين البيت الأبيض وإدارة المدينة، خاصة في ما يتعلق بقضايا الاقتصاد والجريمة والهجرة، وسط مراقبة دقيقة لما ستؤول إليه العلاقة بين الطرفين قبل انتخابات التجديد النصفي المقبلة.
وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز بعد إعلان النتائج، قال ترامب إنه يتمنى "أن ينجح العمدة الجديد، لأنه يحب نيويورك"، لكنه حذر ممداني من أنه يجب أن "يحترم واشنطن" إذا أراد تحقيق النجاح في منصبه بحسب وكالة بلومبيرغ.
ويحذر محللون من أن تنفيذ ترامب تهديداته بخفض التمويل الفيدرالي قد يوجه ضربة موجعة للمدينة والولاية معاً، في وقت تواجه فيه نيويورك تداعيات اقتصادية ناتجة عن تخفيضات الإنفاق الفيدرالي وإغلاق الحكومة الأميركية المستمر منذ شهرين.
ووفقًا لمكتب المراقب المالي للمدينة، تلقت نيويورك نحو 10 مليارات دولار من التمويل الفيدرالي في السنة المالية 2025، أي ما يعادل 8.3% من إجمالي نفقات الميزانية التشغيلية، وذهبت هذه الأموال إلى برامج التعليم والإسكان والخدمات الاجتماعية ودعم الأسر منخفضة الدخل.
وتُعد نيويورك معقلًا لقيادات الحزب الديمقراطي في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ما يجعلها هدفًا سياسيًا محتملًا للإدارة الجمهورية. ومع ذلك، فإن أي تقليص في التمويل الفيدرالي قد يحمل مخاطر سياسية لترامب أيضًا.
ففي اليوم الأول من الإغلاق الحكومي في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، أوقفت إدارة البيت الأبيض تمويلًا بقيمة 18 مليار دولار لمشروعات البنية التحتية في نيويورك، بحجة مراجعة سياسات التنوع والشمول، رغم أن المدينة تعتمد بشكل كبير على التمويل الفيدرالي لتحديث شبكات النقل والتخفيف من الازدحام تبعا لما نقلته بلومبيرغ.
وأدى ذلك إلى رد فعل سياسي واسع، إذ خسر مرشحو الحزب الجمهوري المدعومون من ترامب في أجزاء كبيرة من نيوجيرسي المجاورة، بعدما اتجه الناخبون في المناطق الحضرية إلى دعم الديمقراطيين الذين فازوا في الانتخابات المحلية بهامش أوسع من المتوقع.
