عودة ارتفاع الذهب تُشعل التفاؤل بأسهم شركات التعدين

بعد تراجعه من مستوى قياسي بلغ نحو 4400 دولار للأونصة قبل أقل من شهر، بدأ الذهب يستعيد زخمه من جديد وهو ما يُبشّر بمكاسب قوية محتملة لأسهم شركات التعدين، التي تُعدّ رهاناً مضاعفاً على تحركات المعدن النفيس، وفقاً لتحليل صادر عن شركة 22V Research نقلته بلومبيرغ.

على مدى عقود، كان الذهب يتحرك غالباً بعكس اتجاه الأسهم، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح أكثر ارتباطاً إيجابياً بالأسواق، مدفوعاً بمخاوف من ضعف الدولار الأميركي والطلب المتزايد من البنوك المركزية حول العالم.

وقال جيفري جاكوبسون، رئيس استراتيجيات المشتقات في شركة 22V، إن "الذهب يتصرف في الآونة الأخيرة مثل أسهم الميم"، في إشارة إلى الارتفاعات الحادة التي تحركها المضاربات. وأوضح أن صندوق VanEck Gold Miners ETF (GDX) يتحرك عادة بمعدل ضعف تحرك سعر الذهب نفسه. فقد حقق الصندوق عائداً تجاوز 125% منذ بداية العام، مقارنة بارتفاع يبلغ نحو 57% لصندوق SPDR Gold Shares (GLD) خلال الفترة ذاتها.

ومع تحسن أداء الأسهم هذا الأسبوع بالتزامن مع مساعي الكونغرس لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، عاد التفاؤل ليسيطر على معنويات المستثمرين تجاه الذهب. ويرى بعض المحللين أن التراجع الأخير في الأسعار كان مجرد جني أرباح مؤقت، وليس نهاية للمسار الصاعد.

وكتب تيم هايز، كبير الاستراتيجيين العالميين في Ned Davis Research، في تقرير حديث أن "البيع وراءنا الآن، والذهب في موقع قوي لمواصلة الصعود نحو قمم جديدة".

من جانبه، يرى جاكوبسون أن الوقت مناسب لاستخدام مشتقات صناديق الذهب للمراهنة على استمرار الانتعاش، مشيراً في مذكرة بتاريخ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أنه “الوقت الأمثل لإضافة مراكز خيارات صعودية للاستفادة من أي ارتفاع جديد”. وفي اليوم نفسه، أنفق أحد المتداولين أكثر من 35 مليون دولار على صفقة خيارات تُحقق أرباحاً إذا تجاوز سعر GLD مستوى 390 دولاراً بحلول منتصف كانون الأول/ ديسمبر.

ويُفضّل جاكوبسون الرهان على خيارات صندوق GDX الذي يتتبع أداء شركات تعدين الذهب على خيارات GLD، لأن المستثمرين لم يتدافعوا بعد نحو شراء الخيارات الصعودية عليه بنفس القدر، وهو ما يجعله أقل سعراً من حيث الانحراف (Skew). وقال: "إذا كنت تؤمن بارتفاع الذهب وعودة أسهم التعدين إلى القيادة، فإن الانحراف المنخفض يجعل شراء الخيارات أو بناء مراكز صعودية على GDX فرصة جذابة."

أما على صعيد الشركات نفسها، فقد سجلت Newmont Corp. وAgnico Eagle Mines Ltd. وBarrick Mining Corp. مكاسب بلغت نحو ضعف ارتفاع أسعار الذهب الفعلية هذا العام. ورغم بعض التحديات مثل تغيير الإدارة التنفيذية والاضطرابات التشغيلية في مالي، قفزت أسهم Barrick بأكثر من 130% منذ بداية العام.

وتُظهر تقديرات المحللين أن شركات التعدين الثلاث ستشهد انخفاضاً في إنتاج الذهب هذا العام، لكن الإيرادات ستنمو بنسبة مزدوجة بفضل الأسعار المرتفعة، في حين يُتوقع أن ترتفع الأرباح المعدّلة للسهم الواحد بنسبة لا تقل عن 79% على أساس سنوي.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن الاستثمار في أسهم التعدين يُعد رهاناً عالي المخاطر، إذ يُعتبر صندوق GDX وسيلة متقلبة للغاية للتعامل مع ما يُعرف بـ"تجارة تراجع الدولار".

ويقول دين كيرنَت، الرئيس التنفيذي لشركة Macro Risk Advisors: "يجب أن تتوقع تحركات كبيرة محتملة في هذه الأسهم، فارتفاع التقلب الضمني يعني أن نطاق النتائج المحتملة واسع للغاية."

وبذلك، يبدو أن الذهب رغم تقلباته الشديدة لا يزال يجذب المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن بمذاق المضاربة، فيما تتحول شركات التعدين إلى رهان مضاعف على مستقبل المعدن الأصفر.