بنك أوف أميركا يستثمر 120 مليار دولار في التكنولوجيا

ذكرت وكالة بلومبيرغ أن بنك أوف أمريكا، الذي أطلق مساعده الذكي “إيريكا” عام 2016، أصبح اليوم يتعامل مع نحو مليوني تفاعل يوميًا، وهو ما يعادل عمل 11 ألف موظف بشري. وأشارت بلومبيرغ إلى أن هذا التطور التكنولوجي الضخم جاء بعد سنوات من استثمارات هائلة بلغت نحو 120 مليار دولار في مجال التكنولوجيا، بينها 12 مليار دولار في عام 2023 وحده، منها 4 مليارات مخصصة للتطوير والابتكار مثل تحسين “إيريكا” وبناء تطبيقات جديدة، إضافة إلى 8 مليارات لصيانة الأنظمة القائمة.
وبحسب تقرير بلومبيرغ، فإن هذا الإنفاق الكبير يثير منذ سنوات تساؤلات المستثمرين حول العائد الفعلي من الاستثمارات التقنية للبنوك الكبرى، إذ رغم تحقيق بعض المكاسب التشغيلية، لا تزال النتائج محدودة وتحمل تحذيرين أساسيين:
أولاً، أن التكاليف الباهظة ناتجة عن ضرورة توخي الحذر في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، نظرًا لما قد يسببه أي خطأ من خسائر في الثقة وهدر في الاستثمارات.
وثانيًا، أن الذكاء الاصطناعي يعمّق الفجوة التنافسية بين البنوك العملاقة القادرة على الإنفاق الهائل وبقية المؤسسات الأصغر.
وضربت بلومبيرغ مثالاً ببنك أوف أمريكا، موضحة أن ميزانيته التقنية السنوية تفوق إجمالي نفقات أكثر من نصف البنوك المدرجة في مؤشر KBW، بينما تبلغ ميزانية جي بي مورغان تشيس نحو 18 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ يتجاوز مصروفات معظم البنوك الأخرى في المؤشر.
وفي تقريرها، لفتت بلومبيرغ إلى أن بنك أوف أميركا كشف خلال يوم المستثمرين الأخير , وهو الأول منذ عام 2011 ,عن خفض عدد موظفي قسم المستهلكين إلى 55 ألفًا من أصل 101 ألف في عام 2011، بفضل التطور التكنولوجي. كما تمكن البنك منذ عام 2018 من خفض خسائر الاحتيال إلى النصف، مؤكداً أن للذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في هذا التقدم.
وأضافت بلومبيرغ أن البنك يطوّر تقنياته داخليًا دون الاعتماد على شركات وادي السيليكون، ما جعله من أكبر مالكي براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي إلى جانب كابيتال وان. ووفقًا لتحليلات ويلز فارجو التي نقلتها بلومبيرغ، فإن المؤسستين تمتلكان معًا 65% من جميع براءات اختراع الذكاء الاصطناعي المملوكة للبنوك.
ومع أن البنوك الكبرى بدأت تُفصح تدريجيًا عن إنفاقها التكنولوجي، إلا أن بلومبيرغ تشير إلى أن العائدات الفعلية ما تزال غير واضحة ومتواضعة. فبحسب استطلاع أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية، فإن أقل من نصف 280 مديرًا ماليًا استطاعوا تحديد العائد على استثمارات الذكاء الاصطناعي، وثلثهم قال إن العائد أقل من 5%، فيما قدّره ربعهم بين 5% و10% فقط.
وأوضحت بلومبيرغ أن المشكلة تكمن في غياب حلول جاهزة يمكن تطبيقها بسهولة، كما كان الحال مع أدوات مثل مايكروسوفت إكسل.
حتى البنوك التي تتعاون مع شركات متخصصة مثل مورغان ستانلي وأوبن إيه آي، تحتاج إلى استثمارات ضخمة من الوقت والمال لتحويل النماذج اللغوية إلى أدوات عملية سواء لخدمة العملاء أو دعم فرق الأبحاث والمبيعات.
كما أكدت بلومبيرغ أن التحضير لمشاريع الذكاء الاصطناعي يتطلب أولاً تنظيف البيانات وتنظيمها وتصنيفها بدقة، وهي عملية مكلفة للغاية. فمثلاً، أنفق مورغان ستانلي سنوات طويلة لإعداد بياناته، بينما خصص بنك أوف أمريكا نحو 3 مليارات دولار بين 2014 و2019 لجعل بياناته صالحة للاستخدام. وتخلص بلومبيرغ إلى أن هذه التكاليف الكبيرة تُظهر أن مجرد الوصول إلى نقطة الانطلاق في سباق الذكاء الاصطناعي يعد إنجازًا مكلفًا بحد ذاته بالنسبة للبنوك.
