Contact Us
Ektisadi.com
تكنولوجيا

إستثمارات ضخمة تعيد الزخم للطاقة النووية الأميركية وسط تأخّر في التنفيذ

.

تدفقت مليارات الدولارات إلى قطاع الطاقة النووية في الولايات المتحدة بعد عقود من الركود، مدفوعةً بالطلب المتزايد على الكهرباء الناتج عن توسّع إستخدامات الذكاء الإصطناعي، في وقت أعلنت فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب إلتزامًا يفوق 80 مليار دولار لتمويل إنشاء مفاعلات جديدة، وفقًا لتقرير من وكالة بلومبيرغ.

لكن محللين قالوا أن معظم هذه المشاريع لن تكون جاهزة للتشغيل قبل عقد من الزمن، إذ أن المفاعلات التقليدية تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات للبناء، بينما لم تنتج المفاعلات الصغيرة المعيارية أي طاقة تجارية بعد، ما يجعل إعادة تشغيل المحطات القديمة الخيار الوحيد المتاح في المدى القريب.

وقال كريس غادومسكي، كبير محللي الطاقة النووية في “بلومبرغ إن إي إف”: "هناك الكثير مما يحدث، وفي الوقت نفسه لا شيء يحدث فعليًا"، في إشارة إلى الفجوة بين الزخم الكبير والنتائج المحدودة حتى الآن.

ويعكس هذا الوضع التحول السريع الذي شهده نظام الطاقة الأميركي في السنوات الأخيرة. فحتى وقت قريب، كانت شركات المرافق تغلق محطات نووية مكلفة وتستبدلها بمحطات أرخص تعمل بالغاز الطبيعي أو بالطاقة المتجددة. لكن طفرة الذكاء الإصطناعي رفعت إستهلاك الكهرباء وضغطت على الإمدادات، مما أعاد الإهتمام بالطاقة النووية رغم القيود التقنية والإدارية، بحسب بلومبيرغ.

ويرى وايت هارتلي، رئيس إدارة الأصول في أميركا الشمالية لدى شركة "بروكفيلد"، أن الصناعة قد تتمكن من تحقيق هدف ترامب ببناء عشرة مفاعلات كبيرة بحلول عام 2030، لكن ذلك سيحدث بهوامش زمنية ضيقة. وتمتلك "بروكفيلد" غالبية أسهم شركة "وستنغهاوس إلكتريك"، التي يُتوقع أن تكون من أبرز المستفيدين من صفقة المفاعلات البالغة 80 مليار دولار.

وقال جيفري ميريفيلد، المفوض السابق في لجنة التنظيم النووي الأميركية، أن لا شيء في مجال الطاقة النووية يحدث بين ليلة وضحاها، مشيرًا إلى أن المطورين يحتاجون إلى تأمين مشترين للطاقة وتوظيف آلاف العمال المهرة، في وقت تتطلب فيه بعض المكونات الأساسية، مثل أوعية المفاعلات والمولدات البخارية، نحو أربع سنوات للتصنيع والتسليم.

وأضاف هارتلي أن بعض الطلبات قد تُقدَّم "في المدى القريب جدًا"، لكن بناء وتشغيل محطتين فقط قد يستغرق نحو عشر سنوات.

وفي غضون ذلك، تعتمد بعض الشركات المطوّرة للمفاعلات على الغاز الطبيعي لتلبية الطلب مؤقتًا. فشركة Fermi Inc، التي أسسها وزير الطاقة السابق ريك بيري، وضعت طلبات لمكونات مفاعلات لكنها لا تتوقع تشغيلها قبل أوائل ثلاثينيات القرن الحالي. كما تتوقع شركتا Blue Energy Global وFirst American Nuclear تشغيل مفاعلاتهما في العقد المقبل، مع إعتمادها مؤقتًا على الغاز لتزويد مراكز البيانات بالطاقة.

وأفادت بلومبيرغ بأن إدارة ترامب لم توضّح بعد كيفية توزيع الـ80 مليار دولار أو الجهة التي ستتحمل تكاليف أي تجاوزات في الميزانية، وهي مشكلة سبق أن تسببت في إلغاء مشروع المفاعلين “VC Summer” في ساوث كارولاينا عام 2017. وقال جيغار شاه، الرئيس السابق لبرامج القروض في وزارة الطاقة الأميركية في عهد جو بايدن، "ما يهم في نهاية المطاف هو من سيتحمل مخاطر تجاوز التكاليف".

وأشارت بلومبيرغ إلى أن الحماس المتزايد للطاقة النووية إنعكس على أسواق المال، إذ إرتفعت القيمة السوقية لشركة Fermi التي لم تبدأ بعد إنتاج الكهرباء إلى نحو 13 مليار دولار، متجاوزة شركات كبرى مثل "كامبل” و”موديرنا". كما قفزت أسهم الشركات المطوّرة للمفاعلات الصغيرة خلال العام الماضي.

ورغم الضجة المحيطة بالمفاعلات الصغيرة، فإن التقدم فيها بطيء، رغم تصميمها للإنتاج في المصانع والتركيب في المواقع. ويعتقد محللون أن هذه المفاعلات قد تدخل الخدمة قبل المفاعلات الكبيرة، لكن ثلاث شركات فقط، Oklo وTerraPower وKairos Power بدأت البناء فعليًا، دون الحصول بعد على موافقات تنظيمية لتشغيل أنظمة تجارية.

وتُعد "كايروس" الأقرب لتحقيق إنجاز فعلي، إذ تبني مفاعلًا تجريبيًا للتحقق من التكنولوجيا، وآخر بقدرة 50 ميغاواط لتزويد مراكز بيانات "غوغل" في وادي تينيسي بالطاقة بحلول عام 2030، وفقًا لبلومبيرغ.

وحتى ذلك الحين، تظل مشاريع إعادة تشغيل المفاعلات المتوقفة الأكثر نشاطًا في القطاع. فقد تم إغلاق أكثر من 12 مفاعلًا بين عامي 2012 و2022، وتعمل ثلاث شركات حاليًا على إعادة تشغيلها: Holtec International لإعادة تشغيل محطة “Palisades” في ميشيغان مطلع العام المقبل، وConstellation Energy لإعادة تشغيل مفاعل “Three Mile Island” في بنسلفانيا بحلول 2027، وNextEra Energy لإعادة تشغيل محطة “Duane Arnold” في أيوا بحلول 2029.

كما تجري “بروكفيلد” مفاوضات للإستحواذ على مشروع “VC Summer” المتوقف، تمهيدًا لإعادة تشغيله في أوائل الثلاثينيات، لكن الصفقة لم تُحسم بعد، بحسب بلومبيرغ. ومع ذلك، تبقى قائمة المفاعلات القابلة لإعادة التشغيل محدودة، إذ لا يتجاوز إنتاج المشاريع الثلاثة 2.2 غيغاواط، أي جزءًا صغيرًا من الطاقة التي يستهدف ترامب توليدها من المفاعلات النووية.