Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

واشنطن تتنفس الصعداء...اتفاق تمويلي مؤقت يوقف نزيف الإغلاق الحكومي

تمويل الحكومة الفيدرالية

مجلس الشيوخ الأميركي يصل إلى اتفاق لتمويل الحكومة الفيدرالية(الجريدة)

توصل مجلس الشيوخ الأميركي إلى اتفاق لتمويل الحكومة الفيدرالية مؤقتًا بعد إغلاق استمر 41 يومًا، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك بعد محاولات عديدة فشلت في إنهاء الإغلاق، إذ حاول المجلس 14 مرة خلال الأسابيع الماضية دون نجاح. وشمل الاتفاق ثمانية أعضاء ديمقراطيين اتفقوا مع قادة الحزب الجمهوري والبيت الأبيض على تمرير تشريع لتمويل الحكومة حتى نهاية كانون الثاني/يناير 2026، مع تحديد موعد التصويت على مشروع قانون الرعاية الصحية الميسرة في كانون الأول/ديسمبر المقبل، وهو الملف الخلافي الأساسي الذي أدى إلى الإغلاق. كما يتضمن التشريع إلغاء قرارات الرئيس ترامب المتعلقة بإقالة موظفين فدراليين ووضع أحكام تمنع تكرار مثل هذه الإجراءات، إلى جانب تمويل المعونات الغذائية للسنة المالية 2026 ودفع رواتب جميع الموظفين الفيدراليين المتوقف صرفها خلال فترة الإغلاق، وفقاً لبلومبيرغ.

وقد اشترط الديمقراطيون ثلاثة عناصر رئيسية للموافقة على تمرير التشريع، هي: تمديد فترة تمويل الحكومة حتى نهاية كانون الثاني/يناير بدلًا من 21تشرين الثاني/ نوفمبر، وإرفاق ثلاثة مشاريع قوانين تمويلية لمدة عام كامل تشمل شؤون المحاربين القدامى والسلطة التشريعية ووزارة الزراعة لضمان استمرار برامجها في حال تأخر المشرعين، وإدراج نص يضمن التصويت على مشروع قانون لمعالجة الرعاية الصحية في كانون الأول/ديسمبر، الملف الذي تسبب في الإغلاق. وشهدت الأشهر الماضية مناورات مستمرة بين الديمقراطيين والجمهوريين، إذ رفض الديمقراطيون تمرير مشاريع الميزانية المقدمة من الجمهوريين إلا بشرط تمديد التمويل الحكومي لبرامج الرعاية الصحية الميسرة، التي تصل قيمتها إلى نحو 30 مليار دولار سنويًا، بينما ساهم اقتراح الجمهوريين توجيه جزء من تمويل الرعاية الصحية مباشرة إلى الأسر لمدة عام واحد بدلًا من دعم برنامج "أوباما كير" في كسر الجمود في المفاوضات.

بحسب بلومبيرغ، ترك الإغلاق آثارًا ملموسة على المواطنين، حيث تسبب في تأخير أكثر من 7200 رحلة يوم الأحد الماضي وإلغاء نحو ألفي رحلة أخرى بسبب غياب موظفي الملاحة الجوية الفيدرالية، إلى جانب تأثيره على المعونات الغذائية، ما زاد قلق الأميركيين خلال موسم العطلات وعيد الشكر. كما انعكست الأزمة سياسيًا، إذ اعتبر الديمقراطيون الاتفاق مكسبًا لهم في ملف الرعاية الصحية، بينما ألقي الرئيس ترامب باللوم على الإغلاق في تراجع شعبيته وخسارة الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة للولايات والحكومات المحلية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي انخفاض معدل رضا الأميركيين عن إدارته إلى 39%، ما يعني عدم رضا نحو ثلثي المواطنين عن طريقة إدارة البلاد. ودعا ترامب الجمهوريين إلى إلغاء شرط الأغلبية البالغة 60 صوتًا لتمرير تشريعات التمويل الفيدرالي، لكن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون رفض ذلك خشية استغلال الديمقراطيين لهذه السابقة مستقبلاً.

وسيحتاج التشريع إلى موافقة مجلس النواب وتوقيع الرئيس ليصبح نافذًا، ويتيح إبقاء معظم أجهزة الحكومة مفتوحة حتى 30كانون الثاني/ يناير 2026، وبعض الوكالات حتى نهاية السنة المالية 30 أيلول/سبتمبر 2026، مع دفع رواتب الموظفين الفيدراليين. ويعكس الاتفاق قدرة المعتدلين في الحزبين على تجنب أضرار اقتصادية واجتماعية كبيرة نتيجة الإغلاق، مع الحفاظ على مكاسب سياسية للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، بينما من المتوقع أن تستمر المفاوضات حول مشروع قانون الميزانية السنوي بعد 30 كانون الثاني/يناير لضمان استقرار التمويل الحكومي على المدى الطويل، وفق ما نقلته بلومبيرغ.

يمثل اتفاق التمويل المؤقت خطوة ضرورية لإنهاء الإغلاق الحكومي الأطول بتاريخ الولايات المتحدة، لكنه لا يُغلق الباب أمام استمرار النقاشات الخلافية حول الرعاية الصحية والسياسات المالية المستقبلية. كما يعكس الحدث تأثير الإغلاق على الحياة اليومية للمواطنين والضغوط السياسية على الحزب الجمهوري، بينما يحاول الديمقراطيون استثمار الأزمة في تعزيز موقعهم قبيل انتخابات 2026.