ميزانية المملكة المتحدة تنذر بمستقبل ضعيف للجنيه الإسترليني بغضّ النظر عن السياسات المالية

الجنيه الإسترليني (الوكالة الوطنية للإعلام)
أفاد تقرير نشر اليوم نقلاً عن بلومبيرغ أن توقعات الميزانية البريطانية تشير إلى أخبار سيئة للجنيه الإسترليني، سواء نجحت وزيرة الخزانة رايتشل ريفز في تحقيق توازن في الحسابات لإرضاء أسواق السندات أم لا.
وبحسب بلومبيرغ، من المقرر أن تعلن ريفز في 26 تشرين الثاني/نوفمبر زيادات ضريبية كبيرة، في محاولة لطمأنة المتعاملين في السندات وتجنّب ارتفاع العوائد، إلا أن هذه الخطوة قد تضر بالنمو الاقتصادي وتدفع العملة إلى الانخفاض.
وفي حال فشلها في طمأنة الأسواق وتعرّض السندات البريطانية لموجة بيع، ذكرت بلومبيرغ أن التاريخ يشير إلى أن الجنيه سيواجه ضغوطًا جديدة، إذ قد يدخل في دوامة بيع أصول المملكة المتحدة الشاملة، على غرار ما حدث عام 2022 عندما أعلنت حكومة ليز تراس عن خفض ضريبي واسع غير ممول.
ونقلت بلومبيرغ عن رشاب أمين، مدير المحافظ في شركة أولسبرينغ جلوبال إنفستمنتس، قوله إن من الصعب إيجاد مبررات تجعل الميزانية إيجابية للجنيه الإسترليني، مشيرًا إلى أنه لا يزال يحتفظ بمركز بيع مقابل الدولار، إذ إن ضعف النمو وتراجع التضخم يزيدان احتمال خفض بنك إنكلترا أسعار الفائدة، ما يشكّل عبئًا إضافيًا على العملة.
وأشارت بلومبيرغ إلى أنه بعد بداية قوية هذا العام، دخل الجنيه في مسار هبوطي منذ أشهر أمام العملات الرئيسية، مع بلوغ مؤشر قوته المرجّح بالتجارة أدنى مستوى منذ كانون الثاني/يناير. وجاء التراجع وسط تباطؤ النمو وارتفاع البطالة وضعف الاستثمارات. وانخفض الإسترليني 0.4% إلى 1.3125 دولار يوم الثلاثاء بعد أن وصل معدل البطالة إلى أعلى مستوى منذ جائحة كورونا.
وأضاف التقرير أن ريفز تواجه خيارات محدودة مع سعيها للالتزام بالقواعد المالية التي تفرض أن تغطى النفقات الجارية من الإيرادات الضريبية. ويرى ستيفن بارو، رئيس استراتيجية مجموعة العشر في ستاندرد بنك، أن تعافي الجنيه يعتمد على قدرة الوزيرة على كسر حلقة التشاؤم المتمثلة في النمو الضعيف الذي يدفع الحكومة إلى تشديد السياسة المالية بطرق تضر بالاقتصاد.
وبحسب ما نقلته بلومبيرغ، فإن نجاح ريفز يتطلب إنشاء هامش مالي كافٍ يسمح بمواجهة أي تدهور اقتصادي مستقبلي من دون اللجوء إلى خفض الإنفاق أو رفع الضرائب مجددًا.
وتابع التقرير أن الجنيه تراجع إلى أدنى مستوى له في سبعة أشهر مقابل الدولار الأسبوع الماضي، بعدما وجّهت ريفز خطابًا نادرًا إلى الشعب البريطاني قبل إعلان الميزانية، قالت فيه إن على كل فرد أن يقوم بدوره، في إشارة إلى أن الضرائب سترتفع.
وأوضح بارو أن كلما كانت الميزانية أكثر تشددًا وازدادت الفوائض المالية، ارتفع احتمال صعود الجنيه، لكنه حذر من أن هذا الأثر لن يظهر إلا بعد التأكد من نجاح السياسة المالية، وقد يستغرق ذلك وقتًا طويلًا.
وذكرت بلومبيرغ أن أسواق الخيارات تعكس الاتجاه نفسه، إذ تُظهر الأسعار أن المتعاملين يتوقعون مزيدًا من التراجع خلال الشهر والعام المقبلين.
وأشار رانجيف مان، مدير المحافظ في أليانز جلوبال إنفستمنتس، إلى أن التضخم المرتفع عند 3.8% يزيد تعقيد الصورة على المدى القصير، لأن أي صلابة إضافية في الأسعار قد تجبر بنك إنكلترا على الإبقاء على أسعار الفائدة لفترة أطول، ما يمنح الجنيه دعمًا مؤقتًا بفضل ميزة العائد.
ولفت التقرير إلى أن ريفز التي وُجهت إليها انتقادات بسبب مساهمة ميزانيتها الأولى في ارتفاع التضخم تعهدت بخفض تكاليف المعيشة. كما أوصى محللو بنك بي إن بي باريبا الأسبوع الماضي المستثمرين بالرهان على ارتفاع الجنيه مقابل الدولار الأسترالي قبل إعلان الميزانية.
وختمت بلومبيرغ بأن التوقعات على المدى الطويل تبقى سلبية بالنسبة للجنيه الإسترليني في ظل النمو الضعيف وخطط التقشف المالي المقبلة، فيما يرى محللون أن تدهور سوق العمل قد يشكّل فرصة لإعادة فتح مراكز بيع جديدة على العملة البريطانية.
