قائمة العشرة الكبار في مأكولات العالم

حين تجتمع الروائح على المائدة البشرية، تتقاطع القصص قبل الأطعمة، وتتشابك الحقول والبحار لتقدّم ما يُشبه السيرة الذاتية لكوكبٍ يأكل ليعيش ويعيش ليأكل. من قمح الحقول الأوروبية إلى أرز السهول الآسيوية، تبدأ الحكاية الأولى للإنسان مع الخبز، ذلك الذي شكّل، بحسب موقع CEOWorld، ما يقارب 18.5 بالمئة من السعرات الحرارية اليومية للبشر في العالم، رقمٌ لا يتحدث عن طعام فحسب بل عن حضارة بأكملها، عن سنابلٍ تمدّ جذورها في التاريخ منذ أول فرنٍ في بلاد الرافدين حتى آخر مخبزٍ في باريس.
يتقدّم الأرز في المشهد كأخٍ أبيض للقمح، يكسو موائد أكثر من نصف سكان الكوكب، ويُنتج منه ما يتجاوز 760 مليون طن سنوياً وفق RiceCY. ليس الأرز مجرد غذاء بل ذاكرة للمطر ومرآة للحقول الغارقة في الضوء، كل حبةٍ منه تُشبه حكاية فلاحٍ ينتظر الحصاد ليقيس بها عمره.
ثم تأتي الذرة، الحبيبات الذهبية التي تمزج بين المائدة والمصنع، فهي غذاء وفكر صناعي في آن واحد، إذ تشير AllTopEverything إلى أنّها تُمثّل 5.3 بالمئة من السعرات الحرارية العالمية. وفي كل سنبلةٍ منها تتوارى قصة من قصص أميركا اللاتينية، حيث كان الذرة يوماً عملةً ومعبوداً معاً.
في زاوية أخرى من المائدة يطلّ لحم الخنزير، طعامٌ مثيرٌ للجدل بقدر ما هو واسع الانتشار، إذ يُستهلك عالمياً أكثر من مئة مليون طن سنوياً وفق Wikipedia، نصفها تقريباً في الصين وحدها، مما يجعل منه رمزاً لعلاقةٍ قديمة بين المطبخ والاقتصاد، بين النكهة والسلطة.
وعلى طرف المائدة تقف البطاطا، ابنة جبال الأنديز، التي انتقلت من حضارات الإنكا إلى مطاعم لندن، لتصبح، كما تُشير AllTopEverything، مصدر 2.1 بالمئة من السعرات العالمية. إنها ثمرة الفقراء التي ارتدت ثوب الرفاهية، وجعلت من نفسها لغة مشتركة بين موائد العالم.
ثم يأتي الحليب، ذلك السائل الأبيض الذي يحمل ذاكرة الطفولة وحنان الحقول، فبحسب CEOWorld، يبلغ متوسط استهلاك الفرد من منتجات الألبان قرابة 79 كيلوغراماً سنوياً. في كل قطرةٍ منه يتحدّث العالم بلغةٍ واحدة: الحاجة إلى الدفء، إلى البساطة، إلى الأصل.
والبيض، هذه الدائرة الصغيرة التي تختصر الحياة، يشكّل 1.2 بالمئة من الطاقة الغذائية بحسب AllTopEverything، ومع ذلك يظلّ حضورُه رمزيّاً يتجاوز التغذية إلى معنى البداية، إذ يُولَد منه الطعام كما تُولَد الفكرة من الصمت.
أما اللحوم على اختلافها، من دجاجٍ إلى بقرٍ إلى خراف، فهي مرآة الطبقات الاجتماعية وتاريخ التحضّر ذاته، فكلما ارتفع دخل الأمم زاد استهلاكها للحوم، كما تشير تحليلات AndrejTheChef، في مفارقةٍ تجمع بين الرغبة والقوة.
وفي عمق الغابات الاستوائية، تُزرع الكسافا، جذر الأرض الحلو، الذي يمنح غذاءً لنحو مليار إنسان، وفق AllTopEverything، بنسبة 1.3 بالمئة من السعرات العالمية. تبدو كأنها الطعام الذي لا يتكلم، لكنها في الحقيقة لغة النجاة لمن لا يملكون سوى التربة والرطوبة والأمل.
وأخيراً، يقف السرغوم، نبتة الهامش التي تتحدى الجفاف، وتمنح حياة في الصحارى حيث يعجز القمح والأرز عن البقاء، محتفظةً بنسبة 1 بالمئة من السعرات العالمية بحسب المصدر ذاته. إنها طعامٌ لا يسعى للشهرة بل للاستمرار، وهذا بحدّ ذاته انتصار.
تلك هي مأكولات الأرض العشرة، ليست مجرد وصفاتٍ أو وجباتٍ شهية، بل سردية عن الإنسان منذ أول رغيف وحتى آخر لقمة. إنها اللغات التي لا تُترجم، والاقتصاد الذي لا يُقاس بالنقود بل بالذكريات والروائح، حيث يصبح الطعام هو التاريخ الذي نأكله كل يوم.
