الصين تضخ أكثر من 197 مليار دولار بتمويل خارجي باليوان لتسريع تداول عملتها

في خطوة جديدة لتعزيز حضور عملتها في النظام المالي العالمي، أعلن بنك الشعب الصيني أنه سيكثّف جهوده لتشجيع التمويل باليوان من قبل المؤسسات والشركات الأجنبية، معتمدًا على انخفاض تكاليف الاقتراض وزيادة الطلب الخارجي كأدوات رئيسية لتوسيع استخدام العملة الصينية عالميًا.
وأوضح البنك، في تقريره السنوي الصادر في 30 تشرين الأول/أكتوبر، أن تعزيز دور اليوان كعملة تمويل يُعدّ من الخطوات الأساسية في مسار تدويله، مشيرًا إلى أنه سيعمل على دعم مجموعة من أدوات التمويل مثل القروض المقوّمة باليوان، وسندات "الباندا"، والسندات الخارجية باليوان، وتمويل التجارة، بهدف تسهيل وصول الجهات الأجنبية إلى السيولة بالعملة الصينية وفقاً لبلومبيرغ.
ويعكس التقرير بحسب مراقبين اقتصاديين إصرار بكين على توسيع نطاق استخدام اليوان في المعاملات الدولية، عبر ضخ مزيد من السيولة بالعملة في الأسواق الخارجية، رغم القيود المفروضة على تدفقات رأس المال. ويستفيد البنك من انخفاض تكاليف الاقتراض المحلية الناتجة عن السياسة النقدية المتساهلة وضغوط الانكماش، مما جعل عوائد السندات الصينية أدنى بكثير من نظيراتها الأميركية.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في بنك "كريدي أغريكول سي آي بي"، شياوجيا تشي، إن هذه الخطوة "جزء من خطة الصين لتوسيع استخدام الرنمينبي في مجالات التمويل العالمية"، مضيفة أن "انخفاض العوائد يجعل اليوان أكثر جاذبية كعملة تمويل، وهو ما سيدعم أسواق سندات الباندا والسندات الخارجية، ويعزز السيولة باليوان خارج البلاد".
ووفقًا لبيانات شبكة "سويفت" العالمية للمدفوعات، أصبح اليوان في أيلول/سبتمبر ثاني أكثر عملة استخدامًا في تمويل التجارة الدولية، إذ بلغت حصته 7.3% من إجمالي المعاملات العالمية، ما يعكس التقدم الملحوظ في مساعي بكين لتدويل عملتها بحسب بلومبيرغ.
وتسعى الصين منذ سنوات إلى تقليص اعتمادها على الدولار الأميركي وتحصين اقتصادها من المخاطر الجيوسياسية، عبر تشجيع استخدام اليوان في المبادلات التجارية والمالية العابرة للحدود. وقد ازدادت وتيرة هذه الجهود هذا العام في ظل القلق المتزايد من اضطرابات الأسواق نتيجة السياسات الأميركية المتقلبة.
وأشار البنك في تقريره إلى أن بنوكًا مركزية في هونغ كونغ وتركيا وكوريا الجنوبية تستخدم بانتظام خطوط المبادلة الثنائية للحصول على اليوان ودعم تمويل التجارة. كما أدى النمو في إصدارات سندات الباندا والـ"ديم سام" إلى تمويل خارجي بلغ نحو 1.4 تريليون يوان نحو 197 مليار دولار العام الماضي، فيما ارتفعت القروض التجارية باليوان للمقترضين الأجانب إلى 2 تريليون يوان بنهاية 2024، بزيادة 14% عن العام السابق وفقاً لبلومبيرغ.
كما لجأت دول ناشئة مثل المجر وكازاخستان وكينيا إلى الاقتراض باليوان لتمويل مشاريع تنموية، في حين أعلنت شركة المدفوعات البريطانية "إيبوري" عن نيتها توسيع عملياتها في الصين لمواكبة الطلب المتزايد على التسويات التجارية بالعملة الصينية.
ويؤكد البنك المركزي الصيني أن زيادة الاقتراض باليوان في الخارج تتماشى مع التوسع العالمي للشركات الصينية في سلاسل التوريد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستسهم في ترسيخ دور اليوان في التجارة الدولية والاستثمار، وتعزيز مكانته كعملة تمويل رئيسية في النظام المالي العالمي.
