Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

انفتاح مالي جديد بين دمشق وواشنطن وسط استمرار قيود “قيصر”

10 نوفمبر 2025
A83A2D71-11F1-460F-83A7-E7978BE43F07

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن بلاده دخلت مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي والمالي مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن العقوبات المفروضة على سوريا أُزيلت بالكامل باستثناء “قانون قيصر”، الذي ما زال يشكل “عقبة كبيرة تثير المخاوف لدى المستثمرين الدوليين”، على حدّ قوله.

وفي حديث خاص لـ”الشرق”، وصف الحصرية زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض بأنها “حدث تاريخي يؤسس لحقبة مالية جديدة”، موضحاً أن نظام التحويلات المصرفية العالمي “سويفت” أصبح فاعلاً، وسيُفعّل تباعاً مع باقي المصارف خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الانفتاح الحالي يجري ضمن رؤية اقتصادية واضحة تمتد حتى عام 2030، وتهدف إلى تعزيز القطاع المصرفي ليضم نحو 30 مصرفاً محلياً ودولياً، معتبراً أن “القطاع المالي السوري يشهد انضباطاً مالياً لأول مرة منذ سبعين عاماً”.

وفي ما يتعلق بالسياسة النقدية، شدّد الحصرية على أن المصرف المركزي لا يعتزم استثمار احتياطي الذهب، بل يسعى إلى زيادته كجزء من خطة لتعزيز الاستقرار النقدي. كما نفى وجود أي انكشاف مباشر للمصارف السورية على المصارف اللبنانية، مؤكداً أن النظام المالي الجديد يعتمد على قواعد حوكمة أكثر صرامة لضمان الشفافية وحماية الودائع.

ويأتي هذا الانفتاح في وقتٍ تُظهر فيه المؤشرات الاقتصادية صورة أكثر تعقيداً. فقد أشار تقرير اقتصادي حديث صادر في حزيران/ يونيو 2025 عن موقع رليف ويب إلى أنّ الاقتصاد السوري سجّل نمواً محدوداً لا يتجاوز 1٪، في ظل استمرار أزمة السيولة وتباطؤ عملية إعادة الإعمار. كما لفت التقرير إلى أنّ “القطاع المالي السوري ما زال هشّاً رغم خطوات الانفتاح الأخيرة”، في وقتٍ تحتاج فيه البلاد إلى تدفّقات نقدية واستثمارية ضخمة لإعادة تفعيل الدورة الإنتاجية.

وفي السياق نفسه، قدّر البنك الدولي في تقرير صدر في تشرين الأول/ أكتوبر 2025 تكلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 216 مليار دولار، مشيراً إلى أنّ أي انفتاح مالي حقيقي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية واسعة تشمل النظام الضريبي، وإعادة بناء الثقة بالمصارف المحلية.

من جهتها، رأت مؤسسة كونراد آدنور (KAS) في تقرير نشرته في تموز/ يوليو 2025 أنّ رفع بعض العقوبات لا يعني بالضرورة اندماجاً فورياً للنظام المالي السوري في الأسواق الدولية، معتبرة أن عودة الثقة تحتاج إلى إصلاحات قانونية وتنظيمية تعيد هيكلة القطاع المصرفي بالكامل.

أما تقرير بنك بلوم إنفست الصادر في آذار/ مارس 2025 فقد أشار إلى أنّ أصول المصارف التجارية في سوريا بلغت نحو 102.66 مليار دولار، موضحاً أنّ القطاع المصرفي ما زال في طور التعافي ويحتاج إلى “دعم خارجي فعلي واستقرار سياسي مستدام” ليستعيد نشاطه الكامل.

وفي ضوء هذه التقارير، يرى مراقبون أن الانفتاح الاقتصادي المعلن عنه من قبل مصرف سوريا المركزي قد يشكل بداية مرحلة جديدة من إعادة التموضع المالي، لكنه سيبقى مرهوناً بقدرة دمشق على تنفيذ إصلاحات عميقة وجذب استثمارات خارجية قادرة على تحويل هذه الوعود إلى واقع ملموس خلال السنوات المقبلة.