Contact Us
Ektisadi.com
أسواق

سيد الخواتم… حين تحوّل الخيال إلى اقتصاد

IMG_0626

في مطلع الألفية الثالثة ووسط موجة من الإنتاجات السينمائية الضخمة ظهر مشروع «سيد الخواتم» كظاهرة فنية وتجارية استثنائية أخرجها بيتر جاكسون عن رواية جون تولكين، لتتحول القصة الأدبية إلى ملحمة اقتصادية عالمية، إذ بلغت إيرادات الجزء الأول «The Fellowship of the Ring» الصادر عام 2001 نحو 894.8 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي وفق بيانات موقع The Numbers، في حين لم تتجاوز ميزانية الإنتاج 93 مليون دولار، ما يعني أن الأرباح قاربت عشرة أضعاف التكلفة، وهي نسبة نادرة في عالم السينما التجارية

النجاح لم يتوقف عند هذا الحد، فبعد عام واحد فقط جاء الجزء الثاني «The Two Towers» ليحقق إيرادات تجاوزت 921 مليون دولار حول العالم حسب The Numbers، مع ميزانية بلغت 94 مليون دولار، مما رسّخ مكانة السلسلة كاستثمار مربح ومتوازن بين التكلفة والعائد، خصوصاً أن الجزء الثاني استطاع جذب أسواق جديدة في آسيا وأوروبا الشرقية، وهو ما أشار إليه تحليل منشور في The Guardian الذي وصف توسع جمهور السلسلة بأنه «تحول عالمي في ذائقة المشاهدين نحو الخيال».

وفي عام 2003، اكتمل المشهد مع الجزء الثالث «The Return of the King» الذي تجاوز حاجز 1.12 مليار دولار في الإيرادات العالمية حسب Box Office Mojo، ليصبح من بين أنجح الأفلام في تاريخ السينما، بينما لم ترتفع تكلفته عن 94 مليون دولار، وهو ما وصفته مجلة Forbes بأنه «أفضل استثمار سينمائي طويل الأمد في بدايات القرن الحادي والعشرين».

لكن الأرقام لا تقتصر على شباك التذاكر فقط، إذ أورد موقع Wikipedia أن السلسلة بمجملها حققت ما يقارب 2.9 مليار دولار في صالات السينما وحدها، بينما ارتفع إجمالي الدخل الكلي بعد احتساب المبيعات المنزلية والتوزيع والمنتجات التجارية إلى ما يفوق 6 مليارات دولار، ما جعلها علامة اقتصادية تتجاوز حدود الشاشة. وتفيد The Guardian بأن نيوزيلندا، البلد الذي صُوِّرت فيه السلسلة، شهدت بعد العرض زيادة في أعداد السياح تجاوزت 40٪ خلال خمس سنوات، في ما سُمّي آنذاك بـ«تأثير سيد الخواتم» الذي ضخ مئات الملايين في الاقتصاد المحلي.

ومع هذا الزخم التجاري، بقيت ملاحظات مثيرة عن الجانب الإنساني في الإنتاج، إذ صرّح الممثل إليجاه وود لموقع Entertainment Weekly أن الأجور التي تلقاها طاقم الممثلين لم تكن «ضخمة» مقارنة بالعائدات التي حصدها المشروع، ما يعكس الفارق الكبير بين موازين النجومية وهياكل العقود في هوليوود خلال تلك المرحلة.

بهذا الشكل، استطاعت ثلاثية «سيد الخواتم» أن تقدم نموذجاً فريداً في الاقتصاد الثقافي، إذ جمعت بين الرؤية الفنية عالية الجودة والإدارة المالية المحكمة، فحوّلت الخيال الأدبي إلى صناعة تدر المليارات وتعيد رسم خريطة الاستثمار في السينما العالمية، لتبقى مثالاً يُستشهد به في كيفية تحقيق التوازن بين الإبداع والربح عبر إدارة إنتاجية واعية وسرد بصري ملهم.

سيد الخواتم… حين تحوّل الخيال إلى اقتصاد | Ektisadi.com | Ektisadi.com