Contact Us
Ektisadi.com
إعلام وفنون

السينما العالمية تعيد تعريف الجوائز والهوية الثقافية

55555555

شهدت السينما العالمية تحولًا لافتًا في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت الأفلام متعددة اللغات أو غير الناطقة بالإنجليزية تحظى بمكانة بارزة في المشهد السينمائي العالمي، وحتى في جوائز الأوسكار. لم تعد الأفلام الأجنبية تقتصر على فئة "أفضل فيلم دولي"، بل باتت تنافس بقوة على جوائز أفضل فيلم، إلى جانب الإنتاجات الهوليوودية الكبرى.

وفقاً لبلومبيرغ , تتجه الأنظار هذا العام إلى مجموعة من الأفلام المتنوعة لغويًا وثقافيًا، أبرزها فيلم «Sentimental Value» للمخرج النرويجي يواكيم تريير، الذي قد يشكّل مفاجأة في سباق الأوسكار رغم ميزانيته المحدودة مقارنة بالإنتاجات الضخمة مثل Sinners لريان كوجلر أو Wicked لجون شو. الفيلم، الذي تدور أحداثه حول عائلة نرويجية تواجه صراعات شخصية بعد وفاة الأم، يجمع بين اللغتين النرويجية والإنجليزية، ويقدّم دراما إنسانية عميقة من خلال أداء متميز للممثلة ريناته راينسفه والنجم السويدي ستيلان سكارسغارد.

ويأتي Sentimental Value ضمن موجة من الأفلام الأجنبية التي تُعرض في دور السينما الأميركية هذا الموسم، مثل فيلم المخرج الإيراني جعفر بناهي It Was Just an Accident الذي صُوّر سرًا في طهران، وفيلم المخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيلهو The Secret Agent، إضافة إلى الكوميديا السوداء الكورية No Other Choice للمخرج بارك تشان ووك، والتي تسخر من واقع العمل في عصر الذكاء الاصطناعي.

كما ان هذا التنوّع اللغوي يعكس تغيرًا عميقًا في ذائقة الجمهور وصناعة السينما على حدّ سواء. فقد أصبحت المنصات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم محركًا رئيسيًا لهذا التحول، إذ سهّلت وصول المحتوى الدولي إلى جماهير جديدة، ما جعل المشاهد الأميركي أكثر انفتاحًا على الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية. أعمال مثل Squid Game الكورية وLupin الفرنسية حققت نجاحًا جماهيريًا واسعًا وأثبتت أن اللغة لم تعد عائقًا أمام الانتشار العالمي.

وفي هوليوود نفسها، وفقاً لبلومبيرغ , ساهمت تغييرات أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة في دعم هذا الاتجاه. فمنذ عام 2009، تم توسيع عدد المرشحين لجائزة أفضل فيلم، ما أتاح مساحة أكبر للأعمال التجريبية والمستقلة إلى جانب أفلام الأبطال الخارقين مثل Dune وBlack Panther. كما أدى ضغط حركات مثل #OscarsSoWhite و**#MeToo** إلى تنويع عضوية الأكاديمية، حيث ارتفعت نسبة النساء والأعضاء من خلفيات غير غربية، مما جعل الترشيحات أكثر شمولًا من حيث اللغة والثقافة.

ومن أبرز نتائج هذا التغيير فوز الفيلم الكوري «Parasite» بجائزة أفضل فيلم في عام 2020، ليصبح أول عمل غير ناطق بالإنجليزية يحقق هذا الإنجاز التاريخي. ومنذ ذلك الحين، شهدت الجوائز تزايدًا في ترشيح الأفلام متعددة اللغات مثل Anatomy of a Fall (بـ3 لغات: الفرنسية والإنجليزية والألمانية) وEmilia Pérez (بالإسبانية والفرنسية والإنجليزية).

بالاضافة , حتى الإنتاجات الأميركية باتت تتبنى هذا التوجه. أفلام مثل Minari (بالكورية والإنجليزية)، وPast Lives، وEverything Everywhere All at Once جمعت بين أكثر من لغة، ليس فقط لأسباب فنية، بل أيضًا لتعكس واقع الهويات المتعددة والثقافات المهاجرة في المجتمع الأميركي.

أما هذا العام، ففيلم «One Battle After Another»، الذي يتناول قضايا المهاجرين والسياسات الحدودية في الولايات المتحدة، يأتي بلغتين: الإنجليزية والإسبانية، تأكيدًا على حضور اللغات المتعددة في الخطاب السينمائي الأميركي.

في النهاية، يبدو أن السينما العالمية تدخل مرحلة جديدة، حيث تتحول اللغة من حاجز إلى جسر يربط الثقافات. ومع تزايد الإنتاجات متعددة اللغات وتفاعل الجماهير مع القصص العابرة للحدود، يبدو أن الأوسكار وشاشات السينما حول العالم أصبحا أكثر تنوعًا وثراءً من أي وقت مضى.