أكبر نجاح في تاريخ نتفليكس "KPop Demon Hunters" يواجه تأخيرًا في طرح ألعابه حتى عام 2026

تحوّل فيلم "KPop Demon Hunters" إلى أكبر نجاح في تاريخ نتفليكس، إذ تمت مشاهدته مئات الملايين من المرات منذ إطلاقه في الصيف الماضي، ليصبح ظاهرة عالمية غير متوقعة بين المراهقين والبالغين على حد سواء. ومع هذا النجاح الهائل، فإن الحصول على دمى وشخصيات الفيلم أصبح حلمًا صعب المنال هذا الموسم، إذ لا تتوافر في الأسواق سوى لعبة بطاقات وزينة خشبية وملابس وإكسسوارات محدودة، بينما يتعين على المعجبين انتظار وصول الألعاب الرسمية حتى الربع الأول أو الثاني من العام المقبل (2026) أي بعد قرابة عام من طرح الفيلم، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ (Bloomberg).

أزمة في الإنتاج والتأخير التجاري

يمثل هذا التأخير أنباء سيئة لشركات الألعاب وتجار التجزئة الذين كانوا يعولون على موسم الأعياد لتحقيق مبيعات قياسية. فوفقًا لتقديرات شركة Adobe Inc.، من المتوقع أن ينفق المستهلكون الأميركيون أكثر من 250 مليار دولار عبر الإنترنت في شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر، بزيادة 5.3% عن عام 2024.
ومع ذلك، أكدت نتفليكس أنها غير قلقة من هذا التأخير المؤقت، موضحة أن المنتجات الاستهلاكية لا تزال تمثل جزءًا صغيرًا من أعمالها، وأنها تراها وسيلة لتسويق محتواها وليس لتحقيق أرباح مباشرة. التحدي الحقيقي بالنسبة للشركة هو ما إذا كانت ستنجح في تحويل KPop Demon Hunters إلى أول سلسلة ضخمة للأطفال تمتلك حقوقها بالكامل، وهو ما سيشكل مصدر دخل طويل الأمد يفوق أي أرباح قصيرة من بيع الألعاب في موسم الأعياد.

وتقول إميلي هورغان، وهي مستشارة في مجال إعلام الأطفال ومديرة سابقة في شركة والت ديزني، إن "الوضع كان سيكون أفضل لو تم التخطيط منذ البداية لعيد ميلاد كبير في 2025"، لكنها أضافت أن الاهتمام بالفيلم سيبقى قائمًا في السنوات المقبلة ما دامت نتفليكس وشركاؤها يتعاملون معه بحذر واحتراف. وأشارت إلى أن ديزني واجهت تأخيرات مشابهة عندما فاقت أفلامها Frozen وCars التوقعات، ما تركها في البداية دون منتجات كافية للأعياد، لكنها سرعان ما عوضت ذلك لاحقًا. وأضافت: "أمام نتفليكس فرصة لتحويل KPop Demon Hunters إلى سلسلة كبرى ناجحة".

نتفليكس بين الطموح التجاري والتجربة الإبداعية

خلال العقد الماضي، أعادت نتفليكس تشكيل صناعة الترفيه العالمية على طريقتها، لكنها لا تزال متأخرة عن الاستوديوهات التقليدية الكبرى مثل ديزني ويونيفرسال ووارنر براذرز في إنشاء عناوين طويلة الأمد تدر أرباحًا عبر الأفلام والألعاب والمنتجات. فهذه الشركات تحقق مليارات الدولارات سنويًا من العلامات التجارية المرتبطة بأعمال مثل Star Wars وHarry Potter وDespicable Me.
أما نتفليكس، فإن أنجح أعمالها حتى الآن هي مسلسلات مثل Bridgerton وStranger Things، وهي أعمال تحظى بشعبية واسعة لكنها أقل قابلية للتسويق عبر المنتجات المادية.

بحسب تقرير بلومبيرغ، كانت أمام تجار التجزئة وشركات الألعاب فرصة كافية لتصميم منتجات مستوحاة من الفيلم قبل عرضه في يونيو، إذ عرضت نتفليكس المشروع منذ سنوات وقدمت تصورات لأفكار الألعاب المستقبلية. ومع ذلك، قوبل العرض ببرود، حيث اعتبر كثيرون أن الرسوم المتحركة الأصلية مخاطرة عالية، خاصة أن أفلامًا مشابهة مثل Migration من يونيفرسال وElemental من بيكسار لم تحقق نجاحًا كبيرًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تجار التجزئة لم تكن لديهم خبرة سابقة مع نتفليكس، إذ أن أنجح العلامات الموجهة للأطفال مثل CoComelon وGabby’s Dollhouse ليست مملوكة للشركة بل لطرف ثالث. وحتى عندما حاولت نتفليكس دخول هذا المجال عبر مسلسل الأطفال Karma’s World الذي أنتجه الفنان لوداكريس، لم يحقق المشروع النتائج المرجوة، إذ توقفت شركة Mattel Inc. عن إنتاج ألعابه بعد عام واحد فقط.

من التشكيك إلى النجاح العالمي

زاد الشك في مستقبل KPop Demon Hunters عندما لم تحقق النسخ التجريبية الأولى للفيلم نتائج إيجابية في الاختبارات الأولية للجمهور، رغم سنوات من العمل من قبل المخرجين ماجي كانغ وكريس أبلهانز اللذين أعادا صياغة القصة بناءً على الملاحظات السلبية. لكن المفاجأة الكبرى جاءت بعد الإصدار، إذ أحدث الفيلم ضجة عالمية بفضل الكلمة المتناقلة بين الجمهور، والأغاني الجذابة، والتفاعل الهائل على الإنترنت، ليصبح أكثر فيلم مشاهدة في تاريخ نتفليكس بأكثر من 325 مليون مشاهدة واستمراره في المراتب الأولى على المنصة لأكثر من أربعة أشهر متواصلة. كما تصدرت أغانيه قوائم Billboard العالمية.

وقالت ماريان لي، مديرة التسويق في نتفليكس، إن النجاح كان "حادثة سعيدة نتجت عن تلاقي عدة عوامل مع فيلم مذهل"، مضيفة أن الشركة بنت نموذجها التجاري على استثمار هذه المفاجآت، تمامًا كما حدث مع Squid Game عام 2021، الذي تم إطلاقه قبيل الهالوين ولم تكن لدى نتفليكس الوقت الكافي لإنتاج الأزياء المطلوبة.

من البنية التحتية إلى الشراكات الآسيوية

وأشارت بلومبيرغ إلى أن نتفليكس حاولت الاستعداد لمثل هذه الحالات عبر بناء بنية تحتية تسويقية متكاملة، فبينما خصصت ميزانية تسويق متواضعة للفيلم في البداية، كانت تمتلك كمية كبيرة من المحتوى الجاهز للنشر على إنستغرام وتيك توك لدعم التفاعل، إضافة إلى تصاميم مبدئية لصفقات مستقبلية مع شركات الأغذية والتجميل. كما أدرجت منتجات متنوعة في متجرها الإلكتروني عند صدور الفيلم، وتشمل اليوم مئات السلع مثل القبعات والأثواب والإكسسوارات.

ولم يمض وقت طويل بعد العرض حتى انهالت عروض التعاون التجاري على نتفليكس، خاصة من شركات آسيوية مهتمة بثقافة KPop.
فقد طرحت شركة نونغشيم الكورية نودلز بطابع الفيلم، وافتتحت شركة سامسونغ C&T عبر منتزهها إيفرلاند في كوريا الجنوبية مناطق وأنشطة مستوحاة من العمل. كما أضاف تطبيق كاكاو توك رموزًا تعبيرية للشخصيات، وأطلقت سلسلة مخابز باريس باغيت كعكات وحلويات تحمل صور أبطال الفيلم. وتؤكد ماريان لي أن نتفليكس تتلقى "عددًا هائلًا من الطلبات الجديدة من شركات أخرى" وتضيف: "لم نعد قادرين على الرد على كل المكالمات التي تصلنا الآن".

تحركات سريعة في صناعة الألعاب

إنتاج الألعاب يُعد تحديًا أعقد، إذ تحتاج الاستوديوهات إلى أكثر من عام للتخطيط المسبق وتأمين مساحات العرض في متاجر مثل Walmart وTarget، كما تحتاج شركات التصنيع مثل Mattel وHasbro إلى مهلة أطول للتصميم والتصنيع والشحن.
وفي خطوة نادرة، اتفقت الشركتان على تقاسم الرخصة الأساسية للفيلم:

• تتولى Mattel إنتاج الدمى والمجسمات والمجموعات القابلة للتركيب،

• بينما تتكفل Hasbro بإنتاج الألعاب القطنية (plushies).

ويقول نيك كارامانوس، نائب رئيس ماتيل للشراكات الترفيهية: "إنها أسرع صفقة في تاريخ الشركة"، فيما أكد تيم كيلبين، رئيس قسم الألعاب والترخيص في هاسبرو، أن القصة "تحتوي على كل العناصر التي نبحث عنها لبناء سلسلة طويلة الأمد"، مشيرًا إلى أن هناك طلبًا ضخمًا متراكمًا على منتجات الفيلم المنتظر طرحها في عام 2026 وما بعده.

بقاء الزخم وبناء الامتداد

ومنذ صدور الفيلم، تحركت نتفليكس بسرعة لتنفيذ عدة مبادرات دون تفويت الفرص الكبرى، كما تقول إميلي هورغان، التي كتبت أيضًا في نشرتها Kids StreamerSphere: "أنا مندهشة من مدى سرعة استجابتهم".
فبينما ينتظر الأطفال الألعاب والدمى وحقائب Woobles crochet kits، تعمل الشركة على إبقاء الفيلم في دائرة الضوء عبر إعادة عرضه في السينما لعطلات نهاية الأسبوع، وتنظيم عروض غنائية جماعية في آب/ أغسطس وتشرين الأول//أكتوبر، بالإضافة إلى شراكتها مع متجر Spirit Halloween لإنتاج الأزياء. كما تدرس الشركة إنتاج فيلم قصير مكمّل وفق مصادر مطلعة لم ترغب بالكشف عن هويتها.

لكن التحدي الأكبر والأكثر ربحية يبقى في إنتاج الجزء الثاني من الفيلم، إذ تحتاج الأفلام المتحركة إلى سنوات من العمل. وقد أنهت نتفليكس مؤخرًا اتفاقها مع المخرجين وشركة سوني التي طورت العمل في بدايته داخل قسم الرسوم المتحركة لديها. ومن المتوقع أن يصدر الجزء الثاني عام 2029، حين تكون شركات الألعاب والتجزئة قد استعدت بالكامل لتلبية الطلب العالمي المتوقع.