صفقة بـ40 مليار دولار تثير الجدل في قطاع الصحة

أعلنت شركة كيمبرلي-كلارك، المصنّعة لمنتجات الرعاية الشخصية مثل حفاضات الأطفال، عن اتفاق لشراء شركة كينفيو، المنتجة لدواء تايلينول، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 40 مليار دولار، في خطوة وُصفت بأنها مغامرة محسوبة تحمل فرصًا ومخاطر في آنٍ معًا.
وتُعد كينفيو واحدة من أكبر شركات الرعاية الصحية الاستهلاكية، وتضم علامات تجارية شهيرة مثل نيتروجينا، وليسترين، وأفينو. وكانت الشركة قد انبثقت عن جونسون آند جونسون (Johnson & Johnson) عام 2023، لكنها واجهت تحديات قانونية متعلقة بمسحوق “التلك”، إلى جانب انخفاض حاد في سعر سهمها في أيلول/سبتمبر الماضي بعد تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب ربط فيها بين استخدام مادة الأسيتامينوفين (المكوّن الفعّال في تايلينول) أثناء الحمل والتوحّد، وهي تصريحات رفضها المجتمع الطبي الأميركي والأوروبي مؤكدًا أن الدواء آمن عند استخدامه وفق الإرشادات.
تدهور قيمة سهم كينفيو شكّل فرصة مغرية للرئيس التنفيذي لشركة كيمبرلي-كلارك، مايك شو، الذي رأى أن الظروف الحالية تسمح بإتمام الصفقة بشروط مريحة. وتُبرَّر الصفقة بخطة الشركة للاستفادة من الطلب المتزايد على منتجات الصحة والعافية في ظل شيخوخة السكان عالميًا، لتتحول كيمبرلي-كلارك إلى كيان أقرب في تنوّعه إلى شركة بروكتر آند غامبل الرائدة في هذا القطاع.
من الناحية المالية، ستُنفذ الصفقة عبر مزيج من الأسهم والسيولة النقدية، مع تقديم علاوة مجزية لحملة أسهم كينفيو. وسيحصل هؤلاء على نحو نصف أسهم الشركة الموحّدة، إلى جانب وفورات تشغيلية سنوية تُقدّر بـ1.9 مليار دولار، أي ما يعادل 13% من إيرادات كينفيو.
ويُنظر إلى الصفقة على أنها ليست باهظة الثمن مقارنة بعائداتها المتوقعة، إذ يبلغ مضاعف السعر للأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك نحو تسع مرات فقط، في حين كان يُتداول سهم كينفيو سابقًا عند مضاعف 14 مرة. كما أن اعتماد كيمبرلي-كلارك بشكل أساسي على الأسهم يقلّل من مستوى الديون الجديدة.
لكن الصفقة لا تخلو من المخاطر. فالقضايا القانونية الحالية والمحتملة ضد كينفيو قد تؤثر على سمعة وقيمة كيمبرلي-كلارك بعد إتمام الاستحواذ، رغم تأكيد شو أنه استشار أبرز الخبراء العلميين والقانونيين لتقييم الوضع. وتُذكّر بعض التحليلات بحالة شركة باير (Bayer) الألمانية التي واجهت مشاكل مشابهة بعد استحواذها على مونسانتو (Monsanto) عام 2018.
ويواجه شو أيضًا تحدي دمج ضخم بين شركتين تختلف مجالاتهما التشغيلية، إذ سيتعيّن عليه تحسين قنوات التوزيع وتوسيع محفظة المنتجات بطريقة متوازنة. ورغم تراجع سهم كيمبرلي-كلارك بنسبة 14% بعد الإعلان، إلا أن أسهم كينفيو ارتفعت بشدة، في إشارة إلى ترحيب المستثمرين بالصفقة.
ورغم المخاوف القانونية والتكاملية، يرى مراقبون أن شو أقدم على مخاطرة محسوبة مستفيدًا من انخفاض تقييم كينفيو في السوق، ما يجعل الصفقة في نظر كثيرين رهانًا جريئًا لكن منطقيًا على مستقبل قطاع الرعاية الصحية الاستهلاكية.
