Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

المصارف أمام رقابة مشددة... لا زيادة في الرسوم بعد تشرين 2019

Gemini_Generated_Image_hpgcxahpgcxahpgc

أصدرت لجنة الرقابة على المصارف المذكرة رقم 4/2025 الموجّهة إلى المصارف اللبنانية، والمتعلقة بتنظيم الرسوم والعمولات على حسابات الودائع، في خطوة تأتي ضمن مساعيها لإعادة ضبط العلاقة بين المصارف والمودعين وتعزيز الشفافية في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. واستندت اللجنة في مذكرتها إلى التعميم الأساسي رقم 147 الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 3 أيلول 2019 وتعديلاته، إضافة إلى تعاميم لاحقة ذات الصلة، بهدف وضع ضوابط أكثر صرامة للرسوم والعمولات التي تفرضها المصارف على عملائها، لا سيّما بعد شكاوى متكرّرة من المودعين حول استحداث عمولات غير مبرّرة أو زيادات غير معلنة خلال السنوات الأخيرة.

وشدّدت اللجنة على ضرورة التقيّد التام بعدم فرض أي رسوم أو عمولات جديدة على حسابات الودائع سواء كانت بالعملات النقدية أو غير النقدية، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 31 تشرين الأول 2019، وهو التاريخ الذي يُعدّ نقطة تحوّل في النظام المالي اللبناني بعد اندلاع الأزمة المصرفية وتجميد الودائع. كما حظرت اللجنة على المصارف زيادة أي من الرسوم السابقة، مطالبةً إياها بنشر لائحة مفصلة وواضحة بكل العمولات والرسوم المعتمدة، على أن تُعرض هذه اللوائح في أماكن التعامل مع العملاء وفي المواقع الإلكترونية الرسمية للمصارف، مع التأكيد على أن تكون محدثة ودقيقة وقابلة للتنزيل بصيغة Excel، بحيث يتمكن العملاء من الاطلاع على كل التفاصيل بشفافية ومن دون غموض.

وفي ما يتعلق بالحسابات الراكدة، وهي الحسابات التي لم تشهد أي حركة لفترة طويلة، نصّت المذكرة على إعادة تفعيل جميع الحسابات غير النقدية التي كانت متحركة حتى 31 تشرين الأول 2019 تلقائياً ومن دون الحاجة لزيارة العميل، وذلك خلال مهلة أقصاها شهر من تاريخ صدور المذكرة. وتأتي هذه الخطوة في ظل ممارسات سابقة لبعض المصارف التي كانت تعتبر حسابات مودعين راكدة بشكل تعسفي بهدف تجميدها أو فرض رسوم إضافية عليها. وأكدت لجنة الرقابة أن أي حساب لا يمكن اعتباره راكدًا قبل استنفاد جميع وسائل التواصل الممكنة مع صاحبه، بما في ذلك الرسائل النصية، والبريد الإلكتروني، والاتصالات الهاتفية، فضلاً عن إشعارات تُدرج في كشوفات الحسابات، وحملات توعية عبر المنصات الرقمية الخاصة بالمصارف.

وفي الإطار نفسه، شددت اللجنة على ضرورة عدم تعديل شروط استيفاء الرسوم على الحسابات الراكدة أو فرض أي رسوم جديدة عليها، مؤكدة أن الرقابة الداخلية ووحدة التدقيق في كل مصرف تتحملان مسؤولية متابعة تنفيذ هذه الإجراءات ومراقبة مدى التزام الإدارات المصرفية بها، بما ينسجم مع خطط التدقيق المعتمدة. ويُعتبر هذا التوجيه جزءًا من الجهود المستمرة لضمان حماية حقوق المودعين والحد من أي تجاوزات محتملة في ظل انعدام الثقة بين المواطنين والقطاع المصرفي.

ويأتي صدور هذه المذكرة في سياق أوسع من التحركات التنظيمية التي تقوم بها لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان، بهدف تعزيز الحوكمة المصرفية واستعادة الحد الأدنى من الانضباط في القطاع المالي الذي تضرر بشدة بعد الانهيار الاقتصادي في أواخر عام 2019. فمنذ ذلك الحين، واجه المودعون قيوداً قاسية على سحب أموالهم، وتفاوتت سياسات المصارف في التعامل مع العملاء، ما أدى إلى تآكل الثقة وتفاقم حالة الإرباك في السوق المالية. وفي ظل غياب خطة إصلاح مالي واضحة، تحاول اللجنة من خلال هذه الإجراءات وضع حد للفوضى التنظيمية وحماية المودعين من استغلال محتمل عبر رسوم غير قانونية أو عمولات مبالغ فيها.

وبينما رحّب بعض الخبراء بهذه الخطوة باعتبارها تصحيحاً ضرورياً لمسار العلاقة بين المصارف والمودعين، يرى آخرون أنّ نجاحها يبقى مرهونًا بمدى التزام المصارف الفعلي بالتنفيذ وبقدرة لجنة الرقابة على فرض العقوبات عند المخالفة، خصوصًا أنّ تجارب سابقة أظهرت أن العديد من المصارف تجاهلت تعاميم مشابهة من دون محاسبة. ومع ذلك، تبقى المذكرة رقم 4/2025 محاولة جديدة لتثبيت قواعد الشفافية والمساءلة في القطاع المصرفي، وإعادة بناء الثقة تدريجياً بين اللبنانيين ومؤسساتهم المالية في مرحلة اقتصادية لا تزال دقيقة ومفتوحة على احتمالات متعددة.