معرض "أرضي"... رمز صمود اللبنانيين وإبداع المنتجات المحلية
اليوم الأول لمعرض أرضي-الضاحية الجنوبية لبيروت. (زينب عوالي)
افتَتَحَ «معرضُ أرضي» أبوابه أمام الزوّار من كل لبنان يومَ الجمعة، ليحطَّ رحاله في مجمّع «سيدِ الشهداء» في بيروت، في رسالة واضحة عن صمود اللبنانيين وعنفوانهم الذي لا ينكسر. بعد أن أُجّلَت دورته عام 2024 بسبب الأوضاع الأمنية المتأزمة، تأتي هذه الدورة لتجسّد التحدّي والإصرار على المضي قدمًا، مؤكدة أن الحياة ثقافة متأصلة في قلب كل لبناني.
يضمّ المعرض مجموعة واسعة من أصحاب الحرف اليدوية والمونة التقليدية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في شتّى المجالات، ليصبح مساحة حيوية تجمع بين الإبداع والمهارة والعمل الوطني. يمنح المعرض أصحاب الحرف فرصة فريدة لعرض منتجاتهم وابتكاراتهم، والتواصل مباشرة مع الجمهور، وبيع إنتاجهم، ليشكل بذلك دعامة حقيقية لاقتصاد محلي ينبض بالحياة رغم التحديات.
تعزيز الهوية اللبنانية والصمود
أكد أصحاب الحرف والمنتجات أن «معرض أرضي» يعكس تمسّكهم بأرضهم ويجسّد هويتهم اللبنانية الأصيلة. وشدّد آخرون على صمودهم رغم التحديات والأزمات، مؤكدين التمسك بثقافة الحياة والإبداع المستمر.
وفي مقابلة خاصة مع موقع اقتصادي.كوم، أعرب أحد الزوّار عن إعجابه بالمعرض، مشيراً إلى أنه يثبت قدرة اللبنانيين على العيش الكريم بكرامة لا تهتز، وأنهم لن يتخلوا عن أرضهم، مؤكدين أن العيش بكرامة أفضل من العيش ذليلاً، وأن كل منتج لبناني هنا هو شهادة حية على نضال وإصرار وإبداع مستمرين.
دعوة لدعم الزراعة والمنتج المحلي
وبالمناسبة، طالب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الدولة اللبنانية خلال كلمته الافتتاحية للمعرض أن تضع برنامجًا فعّالًا للاستفادة من أرض لبنان الخصبة والغنية، التي تُنتج أفضل المزروعات. وذلك بدعم المزارعين وتوفير الوسائل اللازمة لهم، إلى جانب إيجاد آليات تسويق مناسبة تقلّل من الوساطات بين المزارع والمشتري، بما يضمن وصول المنتجات إلى المستهلك بأسعار عادلة وتمكين تداولها بشكل سلس وعادل بين الناس.
وأشار الشيخ قاسم إلى أن الاستثمار في الأرض والمنتج المحلي يعكس الهوية اللبنانية ويعزز ثقافة الحياة، مؤكداً أن جهود المزارعين والحرفيين تسهم في إحياء الأرض وتأمين الاستمرارية المستقبلية للأجيال القادمة.
وقد أسست مؤسسة جهاد البناء الراعي للمعرض لتعزيز الزراعة والصناعة المحلية، من خلال تطوير الإنتاج الزراعي والحيواني، تربية النحل، إنتاج العسل، دعم الصناعات الغذائية والحرفية، وتوسيع أسواق المنتجات اللبنانية محليًا وخارجيًا. واعتُبرت هذه الجهود ضرورية في ظل غياب الدعم الكافي من الدولة، حيث تمثل موازنات الزراعة والصناعة نسبة ضئيلة جدًا من إجمالي الموازنة.
وأضاف الشيخ قاسم أن الهدف من سوق "أرضي" هو تسليط الضوء على قوة الزراعة والمنتج المحلي في لبنان، معتبراً الأرض نعمة من الله وأساس العيش الكريم، حيث يحمل كل عمل على الأرض أجرًا وثوابًا.
رسالة المعرض وأصالته التاريخية
ويعود المعرض إلى جذوره التي نبتت عام 2007، ليصبح منصة رائدة لدعم المنتجات الوطنية وتشجيع المزارعين والصناعيين والمنتجين اللبنانيين على الصمود وتقديم أفضل ما لديهم من إنتاج محلي يعكس الثقافة والتراث والهوية اللبنانية. إن كل منتج يُعرض هنا ليس مجرد سلعة، بل هو شهادة على نضال طويل من أجل الكرامة والعيش الكريم، وعلى قدرة الأفراد على اقتناص الفرص من قلب الصعوبات، من نبض عزّة وإصرار لا يُقهَر. وقد سجل عدد زوّار المعرض سنة 2023 أكثر من 14000 زائر من شتى المناطق.
هذا العام يبث المعرض رسالة للعالم أن لبنان يعيش في قلب مقاوم ينبض بالثقافة والإبداع والحياة، وأن أبناؤه قادرون على تحويل كل تحدٍّ إلى فرصة، وكل جرحٍ إلى قصة صمود وعنفوان، مؤكدين أن المنتج اللبناني يحمل في طياته روح لبنان الصامد والمبدع والمتجذر في حضارته وتاريخه.