Contact Us
أسواق

هل تخشى الهيئات الدولية صعود الأصول المشفّرة؟

95CE8044-31C5-476F-A973-F2B2A054B367

تشهد الأوساط التنظيمية العالمية نقاشات مكثّفة بشأن مراجعة القواعد الجديدة التي تنظّم حيازة البنوك للأصول المشفّرة، والمقرّر دخولها حيّز التنفيذ العام المقبل، وذلك بعد الارتفاع السريع في استخدام العملات المستقرة، ما أثار اعتراضًا تقوده الولايات المتحدة على الإجراءات الأصلية.

وكانت لجنة بازل للإشراف المصرفي قد وضعت هذه المعايير في أواخر عام 2022، وقد فسّرتها المؤسسات المالية في حينه على أنها إشارة لتجنّب الاستثمار في العملات المشفّرة نظرًا لما تفرضه من أعباء رأسمالية مرتفعة على هذه الأصول.

ومنذ ذلك الوقت، تطوّر المشهد المالي للعملات المشفّرة بشكل لافت، إذ انتقل من توصيفه كـ”غرب متوحّش” في عالم المال إلى صناعة تحظى بدعم رسمي من البيت الأبيض.

هذا التحوّل دفع إلى إعادة النقاش داخل لجنة بازل بشأن مدى ملاءمة القواعد الجديدة، خاصة في ظل تردّد بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في الالتزام بالجدول الزمني لتطبيقها، وفقًا لمصادر مطّلعة على المداولات.

وتقود الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى تعديل المعايير الحالية، معتبرة أنها لم تعد تتناسب مع تطوّر القطاع، ولا سيّما في ما يتعلق بالعملات المستقرة (Stablecoins). وتخضع هذه العملات حاليًا لتنظيم واضح في الولايات المتحدة عبر قانون Genius Act الذي ساهم في زيادة استخدامها في عمليات الدفع.

إلا أن معايير بازل ما زالت تفرض الرسوم الرأسمالية نفسها على العملات المستقرة “المفتوحة” مثل USDC التابعة لـ”سيركل” وUSDT التابعة لـ”تيثر”، تمامًا كما هو الحال مع الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين.

ويصل معدل المخاطر المفروضة على حيازة الأصول المشفّرة غير المصرّح بها إلى 1,250% من قيمة التعرض، وهو ما يفوق بكثير المعدلات المفروضة على أصول أخرى عالية المخاطر مثل الاستثمارات في رأس المال المخاطر التي تصل إلى 400% فقط بموجب أحدث حزمة من معايير بازل.

وفي حين تميل بعض الدول إلى تأييد الموقف الأمريكي ومراجعة المعايير قبل تطبيقها، تفضّل البنك المركزي الأوروبي الالتزام بالقواعد الحالية ثم دراسة تعديلها لاحقًا، وفق ما أفادت به المصادر نفسها.

ورفضت اللجنة الفدرالية للاحتياط والمركزي الأوروبي ولجنة بازل التعليق على هذه النقاشات.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أقرّ إطارًا تنظيميًا خاصًا بالأصول المشفّرة ضمن حزمة رأس المال المصرفي الأخيرة، يسمح بتصنيف العملات المستقرة وفق معاملة رأسمالية مماثلة للأصول التي تدعمها، والتي عادة ما تتكوّن من نقد وسندات خزانة أمريكية قصيرة الأجل.

أما بنك إنجلترا، فأكد أنه سيكشف لاحقًا هذا الشهر عن خططه التنظيمية الخاصة بالعملات المستقرة، مشيرًا إلى أنه يواصل العمل على تنفيذ الإطار الاحترازي الخاص بالتعرّض للأصول المشفّرة، بالتنسيق مع هيئات دولية لضمان اتساق القواعد عالميًا.

وفي آسيا، أعلنت سنغافورة عن تأجيل تطبيق معايير بازل لمدة عام، مبرّرة ذلك بالحاجة إلى تحقيق مواءمة عالمية في التنظيم، فيما حددت هونغ كونغ عام 2026 لتطبيق القواعد مع اقتراح خفض المتطلبات الرأسمالية الخاصة بالعملات المستقرة المرخّصة.

يُذكر أن لجنة بازل كانت قد حدّثت معاييرها الخاصة بالأصول المشفّرة في عام 2024، وسبق أن أجّلت تنفيذها عامًا إضافيًا.