صفقة مقاتلات تايفون بين بريطانيا وتركيا: رسالة قوة إلى موسكو وتعزيز لشراكة الناتو

وقّعت المملكة المتحدة صفقة ضخمة بقيمة 8 مليارات جنيه إسترليني نحو 10.7 مليارات دولار لبيع 20 مقاتلة “تايفون” إلى تركيا، في خطوة وصفها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأنها رسالة واضحة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تؤكد وحدة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وصلابته على المدى الطويل.
وجرى التوقيع على الإتفاق بين ستارمر والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة يوم الإثنين، وهو أول طلب جديد لمقاتلات “تايفون” التي تصنعها شركة BAE Systems منذ عام 2017، وأكبر صفقة بريطانية لبيع طائرات حربية منذ نحو عقدين، كما تُعد أول صفقة تبرمها تركيا لشراء طائرات مقاتلة من دولة غير الولايات المتحدة.
قال ستارمر في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ أثناء رحلته إلى أنقرة:
“إنها إشارة مهمة لقوة أوروبا وحلف الناتو. فتركيا تمثل ركيزة أساسية في الجناح الجنوبي الشرقي للحلف، ومن ثم فإن هذه الصفقة تبعث برسالة قوية إلى بوتين مفادها أن الناتو أقوى من أي وقت مضى.”
من جانبه، وصف أردوغان الاتفاق بأنه “مرحلة جديدة في العلاقات الإستراتيجية بين بلدين حليفين قريبين.” وكشف وزير الدفاع التركي يشار غولر أن بلاده تخطط أيضًا لشراء 12 طائرة “يوروفايتر” مستعملة من قطر و12 أخرى من عُمان.
تأتي الصفقة في ظل تقارب متزايد بين أنقرة ولندن، خصوصًا بعد أن تراجعت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب عن دورها التقليدي كضامن للأمن الأوروبي. وبالنسبة لتركيا، تمثل الصفقة وسيلة لتعزيز قوتها الجوية وتقليل إعتمادها على واشنطن، لاسيما بعد إستبعادها من برنامج المقاتلة الأميركية F-35 عقب شرائها منظومة الدفاع الروسية S-400، وهو ما أدى إلى فرض عقوبات أميركية عليها.
وتواصل حكومة ستارمر عقد صفقات دفاعية كبرى لتعزيز صادرات الصناعات العسكرية البريطانية ودعم النمو الإقتصادي؛ إذ وقّعت في آب/ أغسطس الماضي إتفاقًا بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني لتزويد البحرية النرويجية بفرقاطات من طراز Type 26.
ويرى مراقبون أن هذه الصفقة لا تقتصر على بيع الطائرات، بل تحمل بُعدًا دبلوماسيًا أيضًا، إذ تسعى بريطانيا من خلالها إلى توثيق علاقاتها مع تركيا التي تحافظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع موسكو وعضويتها في الناتو.
وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي: “إن الرسالة الموجهة إلى بوتين هي أن تركيا تؤكد التزامها بحلف الناتو. فهذه الصفقة تتجاوز مجرد بيع طائرات، إنها شراكة إستراتيجية تعكس عمق العلاقة المتنامية بين البلدين.”
وتتيح الصفقة لأنقرة تعزيز أسطولها الجوي في ظل تأخر تسليم طائرات F-16 الأميركية، في وقت تعمل فيه على تطوير مقاتلتها المحلية “قآن” (Kaan) وتوسيع إنتاجها من الطائرات المسيّرة التي باتت تُصدّر إلى مختلف أنحاء العالم.
وقد تمكنت لندن من إتمام الاتفاق بعد تجاوزها إعتراضات ألمانية سابقة على الصفقة بدعوى إنتهاكات حقوق الإنسان، إذ رفعت برلين هذا الصيف الفيتو الذي كانت تفرضه، إثر ضغوط دبلوماسية مكثفة من المسؤولين البريطانيين.