Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

بين الفخامة والسياسة... 300 مليون دولار تُعيد الجدل حول نفوذ المال في واشنطن

الرئيس الأميركي دونالد ترامب

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (الإنترنت)

في خطوةٍ وُصفت بأنها مزيجٌ بين مشروعٍ عمرانيٍّ فخم واستراتيجيةٍ سياسيةٍ مدروسة، شرع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بناء قاعة رقصٍ ضخمة داخل البيت الأبيض، بتكلفةٍ تُقدَّر بنحو 300 مليون دولار، يتم تمويلها بالكامل عبر تبرعاتٍ خاصة جمعتها حملته السياسية بأسلوبٍ يشبه آليات تمويل الحملات الانتخابية، وفق ما نقلته وكالة بلومبيرغ.

وكلف ترامب مديرة تمويل حملته السابقة، ميريديث أورورك، بإدارة عملية جمع التبرعات، التي شملت جولاتٍ مكثفة في واشنطن لاستقطاب دعم الشركات الكبرى والمديرين التنفيذيين الذين سبق أن ساهموا في تمويل حملته الرئاسية لعام 2024 وحفل تنصيبه. ووفقاً لمصادر مطلعة، تواصل فريق أورورك مع جماعات الضغط الجمهوريين وعملائهم من الشركات، للترويج لمشروع وصفه ترامب بأنه "هدية للبلاد".

ولم يفصح البيت الأبيض عن تفاصيل مالية دقيقة، غير أن ترامب أعلن خلال مأدبةٍ لجمع التبرعات في 15 أكتوبر/تشرين الأول أنه تمكن من جمع كامل المبلغ المطلوب من "الأصدقاء"، مشيراً إلى أن أي فائضٍ سيُستخدم في "مشاريع إنشائية أخرى" داخل المقر الرئاسي.

وقد أثار المشروع، الذي يُموَّل بالكامل من القطاع الخاص، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، إذ يرى خبراء أخلاقيات الحكم أن مشاركة شركاتٍ تربطها عقود ومصالح مباشرة بالحكومة، قد تشكل تضارباً في المصالح، خاصةً وأن بعضها يواجه قضايا تنظيمية أمام وزارة العدل أو ينتظر موافقات اندماج من الإدارة الحالية.

وفي المقابل، نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارو لاين ليفيت، وجود أي تضارب مصالح، مؤكدةً أن المنتقدين "كانوا سيشتكون لو تم تمويل المشروع من أموال دافعي الضرائب"،وفقاً لبلومبيرغ، مشددةً على أن المتبرعين "ينتمون إلى طيفٍ واسع من الشركات الأميركية التي تسعى لتحسين البيت الأبيض للأجيال القادمة".

ويرى مراقبون أن المشروع يجسّد توجهاً جديداً لدى ترامب لربط منصبه السياسي بشبكة مانحيه، عبر ما يشبه "خصخصة الرموز الوطنية"، إذ تتحول قاعة الرقص المنتظَرة إلى رمزٍ سياسي بقدر ما هي إنجازٌ معماري، وفق ما ذكرت بلومبيرغ. فيما اعتبر آخرون أن التبرعات الواسعة من شركات التكنولوجيا والعملات الرقمية، التي تخضع حالياً لمراجعات تنظيمية، تمثل "محاولةً لشراء مقعدٍ على طاولة النفوذ"، على حدّ تعبير ساشا هاوورث، المدير التنفيذي لمشروع الرقابة على التكنولوجيا.

ويُعدّ هذا المشروع أحد أكبر التعديلات في مبنى البيت الأبيض منذ أكثر من نصف قرن، ويثير تساؤلاتٍ حول الحدود الفاصلة بين "التمويل الخاص" و"المصلحة العامة"، وحول الدور الذي تلعبه الثروة والشركات الكبرى في تشكيل ملامح السلطة في الولايات المتحدة.