Contact Us
اقتصاد

مستقبل الرأسمالية الأميركية بين الابتكار وعدم المساواة

freepik__a-conceptual-illustration-showing-the-future-of-am__28440

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرأسمالية الأميركية، التي تطوّرت منذ تأسيس الولايات المتحدة عام 1776 لتصبح محرّكًا ضخمًا للتغيير والابتكار، تدخل اليوم مرحلة جديدة من التساؤلات حول مستقبلها مع اقتراب الذكرى الـ250 لتأسيس البلاد، وذلك ضمن مشروعها الجديد "USA250: قصة أعظم اقتصاد في العالم".

وفي إطار المشروع، طرحت الصحيفة على قرّائها سؤالًا مباشرًا: "كيف تتصورون شكل الرأسمالية الأميركية بعد خمسين عامًا؟" فجاءت الإجابات متنوّعة، تعكس التناقضات التي يعيشها الاقتصاد الأميركي بين طموحات الابتكار ومخاوف التفاوت الاجتماعي.

بين المنافسة والتنظيم

يرى فيليب تروبيللي من فيلادلفيا أن الرأسمالية الأميركية ستسعى في المستقبل إلى إيجاد توازن يخدم الشعب الأميركي، عبر المواءمة بين قوى المنافسة في السوق والتنظيم لأجل المصلحة الاجتماعية.

ويضيف أنه يتوقع استمرار قدرة الولايات المتحدة على التكيّف مع التغيّرات المستقبلية عبر التشريعات والسياسات، آملًا في مستقبل تسوده الفرص والابتكار والتعاطف مع الفئات الأقل حظًا.

سباق مع الزمن

أما مارك مونتغومري من نيو مكسيكو فيرى أن الولايات المتحدة عند مفترق طرق، محذرًا من خطر انزلاقها إلى نموذج هجين من "الرأسمالية الاحتكارية والدولة المتسلطة"، ما لم تستعد الأسواق عافيتها وتُسترجع المنافسة.

ويؤكد أن الأزمات المالية المتكررة وتزايد تمركز القوة الاقتصادية ينذران بفقدان القدرة على الإصلاح الذاتي.

ازدهار الأعمال الكبيرة والصغيرة

تعتقد سينثيا كنيبيل من ميشيغان أن الرأسمالية الأميركية ستواصل ازدهارها بعد خمسين عامًا، لتكافئ جيلًا أكثر تنوعًا من رواد الأعمال.

وترى أن قادة المستقبل لن يقتصروا على الشركات العملاقة، بل سيبرز جيل جديد من أصحاب المشاريع الصغيرة المدعومين بالذكاء الاصطناعي وبحكومة تؤمن بحرية السوق، ما سيجعل الولايات المتحدة "أفضل مكان في العالم لبدء مشروع تجاري".

الثقة بالمستقبل

يعبّر ويندار تشين من فلوريدا عن إيمانه العميق بأن الرأسمالية الأميركية ستظلّ الأفضل عالميًا بعد نصف قرن، بفضل مرونتها القانونية والتنظيمية التي تتيح لها التكيّف السريع مع التحوّلات، مؤكدًا أن الاقتصادات الأخرى لن تستطيع اللحاق بها.

ضرورة استعادة التوازن

أما مايكل مورابيتو من نيويورك فيرى أن الرأسمالية الأميركية، القائمة على النزعة الفردية وروح المغامرة، تحتاج إلى إعادة توازن بين رأس المال والعمل في ظل تسارع التطورات التكنولوجية.

ويحذر من خطر التوترات الاجتماعية الناتجة عن الأتمتة والذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن التاريخ يثبت أن المجتمعات الأكثر شمولًا ومشاركة سياسيًا هي الأقدر على تحقيق الازدهار الطويل الأمد.

نحو رأسمالية عالمية

كتب دوي دو من جورجيا أن الرأسمالية الأميركية يجب أن تتحول إلى نموذج عالمي يتيح لكل شعوب الأرض فرصة تحسين حياتهم، رغم العقبات الثقافية والتنظيمية التي قد تعترض هذا المسار.

احتكار القلة

أما ديفيد فريدل من واشنطن فيرسم صورة قاتمة للمستقبل، متوقعًا أن يسيطر الأثرياء على الاقتصاد من خلال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، بينما تكافح الأغلبية من أجل البقاء.

ويأمل أن تتغير المنظومة الاقتصادية بحيث تضمن الازدهار للجميع.

دور الهجرة

يرى ألفريد بوردن من فيلادلفيا أن مصير الرأسمالية الأميركية سيتحدد عبر سياسات الهجرة. فإذا تبنّت الولايات المتحدة الانفتاح واستقطبت العقول، فستزدهر كما يجب، أما إذا استمرت في نهج الانغلاق القومي فستتحول إلى "أثر متقادم لعظمة ماضية".

نحو الاشتراكية الأوروبية

روب ويت من فرجينيا يرى أن الولايات المتحدة تسير نحو نموذج اشتراكي يشبه أوروبا، مشيرًا إلى أن الأجيال الشابة أصبحت أكثر تركيزًا على المساواة وأقل اهتمامًا بالفرص الفردية، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة واتساع فجوة الثروة.

جيل اليوم

يعبّر مايكل شون دونيلي من سانت لويس عن أمله في أن تبقى روح الرأسمالية حيّة، لكنه يخشى أن يكون الجيل الجديد أكثر اهتمامًا بالمساواة على حساب المخاطرة والابتكار، وهو ما قد يضعف الديناميكية الاقتصادية مستقبلاً.

بين المساواة والفرص

يقول جون ديفيليبو من هيوستن، وهو مهاجر متقاعد من الجيل الثاني، إن الجيل الحالي يميل نحو سياسات اجتماعية أقرب إلى أوروبا، مركّزًا على العدالة الاجتماعية أكثر من التركيز على الفرص الاقتصادية.

رؤية متفائلة

أما آخر المساهمين، روب ويتي، فيرسم صورة وردية لعالم عام 2075، حيث ستشهد الولايات المتحدة عودة روح خمسينيات القرن الماضي مع نهضة في المهن اليدوية والقطاعات غير القابلة للأتمتة.

ويتوقّع ازدهار الشركات العائلية الصغيرة وعودة التوازن بين رأس المال والعمل، شرط أن تواصل البلاد حماية التعددية واحترام حرية الفرد.

الخلاصة

أظهرت آراء القرّاء، وفق ما أوردته وول ستريت جورنال، انقسامًا واضحًا بين من يؤمنون بقدرة الرأسمالية الأميركية على الابتكار والنهوض، ومن يخشون تحوّلها إلى نظامٍ يخدم القلة الثرية ويُقصي البقية.

لكنّ الأغلبية أجمعت على أن مستقبل الرأسمالية سيعتمد على مدى نجاح الولايات المتحدة في تحقيق توازنٍ جديد بين المنافسة والعدالة الاجتماعية، والتكنولوجيا والإنسان.

شارك المقال