Contact Us
تعليم وثقافة

رحيل طليع حمدان يثير عاصفة من المواقف الناعية المتعاطفة

26 أكتوبر 2025
IMG_8304

الشاعر اللبناني طليع حمدان (الوكالة الوطنية)

تستمر المواقف الحزينة الناعية بالصدور أسفاً لرحيل الشاعر اللبناني الكبير طليع حمدان عن عمر ناهز 81 عاماً، الذي ترك خلفه إرثاً شعرياً زاخرًا بالزجل اللبناني الأصيل، وذكريات لا تُنسى في الثقافة الشعبية اللبنانية. وقد عرف طليع حمدان بلقب “أبو شادي” و”شاعر المنبرين”، نظراً لمكانته المميزة في المشهد الثقافي الوطني ودوره الفاعل في نقل التراث الشعبي اللبناني من جيل إلى جيل. طوال مسيرته الطويلة، حرص حمدان على أن يكون صوته ممثلاً للقضايا الوطنية والاجتماعية، فكانت قصائده مرآةً صادقة لمشاعر اللبنانيين وهمومهم، ولم يكن شعره مجرد كلمات على الورق بل تجربة حية تغذّي الوجدان وتنقل روح الجبال والتقاليد الشعبية تبعا للوكالة الوطنية للإعلام.

نعى النائب اللبناني أكرم شهيب الشاعر الراحل، مؤكداً أن طليع حمدان “من عين عنوب إلى العالمية، رسم بالكلمات ملامح الخلود. هو الشاعر الملتزم، الوطني الرقيق، الحسّاس، والبليغ، وبرحيله يُتَّم الزجل اللبناني”. وقد تجلّت مكانة الشاعر في هذه الكلمات التي تعكس الاحترام الكبير الذي حظي به في الوسط السياسي والثقافي، إذ لم يكن مجرد شاعر بل رمزاً للهوية الوطنية والارتباط العميق بالأرض والناس.

كما عبّرت الطائفة الدرزية في لبنان عن حزنها العميق على فقدان حمدان، مشيرةً إلى أنه كان “أحد أبناء الطائفة الذين تركوا بصمة واضحة في مجال الشعر الزجلي، وكان صوتاً مميزاً يعبر عن قضايا الوطن والإنسان”. وقد تجسد من خلال هذا النعي الدور الاجتماعي والثقافي الذي لعبه حمدان، حيث لم تقتصر مساهماته على الشعر فحسب، بل امتدت لتشمل تثقيف الأجيال وتعزيز التراث اللبناني الأصيل، ورفع راية الزجل بين اللبنانيين وبين مختلف الثقافات التي التقى بها عبر مشاركاته في المهرجانات والمحافل الثقافية.

خلال مسيرته الأدبية، كان حمدان معروفاً بالشعر الملتزم، الذي تناول القضايا الوطنية والاجتماعية والإنسانية بصدق وعمق. وكان صوته وأدبه جزءاً لا يتجزأ من الحياة الثقافية اللبنانية، إذ جسد روح الأصالة الوطنية والتاريخ الشعبي والالتزام بالقيم. لم يكن الشعر عنده مجرد أداة للتسلية، بل وسيلة للتواصل مع المجتمع، ونقل الرسائل التي تعكس الهوية اللبنانية بكل تفاصيلها، من الجبال والأودية إلى القرى والمدن. وقد حظي حمدان بتكريمات عديدة، آخرها في المكتبة الوطنية في بعقلين، حيث تم الاحتفاء بمساهماته الكبيرة في الحفاظ على الزجل اللبناني وإيصاله إلى جمهور أوسع.

من بين أبرز إنجازاته، كان دوره الفاعل في إحياء التراث الشعبي اللبناني من خلال الزجل، وتطوير أساليب التعبير الشعري المرتجل، بحيث جمع بين الأصالة والابتكار، ونجح في أن يكون جسراً بين الأجيال القديمة والجديدة. كما كان له تأثير كبير في تنمية الوعي الثقافي لدى الشباب، من خلال ورش العمل والمحاضرات والمشاركات في المهرجانات الوطنية والدولية. لم يقتصر تأثيره على لبنان فقط، بل امتد صوته إلى الجاليات اللبنانية في الخارج، حيث كانت قصائده تمثل رابطاً وثيقاً بالوطن وبالتراث اللبناني.

وقد ترك رحيله فراغاً كبيراً في المشهد الثقافي، إذ كان حمدان بمثابة “ذاكرة ناطقة للجبل”، كما وصفه العديد من المثقفين والشخصيات العامة. لقد كان يحمل على كتفيه التاريخ والكرامة والتقاليد، وكان الشعر عنده أشبه بالغرسة التي تُزرع في أرض صلبة، تنمو وتكبر وتستمر على مر السنين. رحيله ليس نهاية لمسيرته، بل استمرار لصدى كلماته التي ستظل تتردد في وجدان اللبنانيين، وتُلهم الأجيال القادمة للحفاظ على الزجل والتراث الشعبي.

شارك المقال