Contact Us
تعليم وثقافة

جيلٌ على حافة الضياع: التعليم في غزة بين الركام والأمل

Hailuo_Image_Empty classroom ruins in Gaza,_438435433154125824

حذّر مدير منظمة «اليونيسف» الإقليمي للشرق الأوسط، إدوار بيغبيدير، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» من خطر ضياع جيلٍ كاملٍ في قطاع غزة المحاصر والمُدمَّر، حيث يعيش النظام التعليمي حالة «انهيار» بعد عامين من الحرب.

وقال بيغبيدير الخميس في القدس عقب عودته من القطاع الفلسطيني: «هذه هي السنة الثالثة بلا مدارس، وإذا لم نبدأ انتقالًا حقيقيًا لجميع الأطفال في شباط/فبراير، فسنصل إلى سنة رابعة، وعندها يمكننا الحديث عن جيلٍ ضائع». وأوضح أن وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بين إسرائيل وحركة حماس أتاح لليونيسف وشركائها في قطاع التعليم إعادة نحو سدس عدد الأطفال الذين يُفترض أن يكونوا في المدارس إلى أماكن تعليمٍ موقّتة، لكنه شدّد على أن الحديث هنا هو عن التعلّم لا التعليم، إذ إن 85% من المدارس دُمّرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام، فيما تُستخدم كثيرٌ من المدارس المتبقية كملاجئ للنازحين.

ويُواجه الأطفال والمعلمون صعوبات في التنقّل بسبب النزوح والعمليات العسكرية، بينما ينشغل معظم المدرسين بتأمين احتياجات عائلاتهم من الطعام والماء. وكان النظام المدرسي في غزة يعاني أساسًا من الاكتظاظ، في منطقة يشكّل فيها من هم دون الثامنة عشرة نحو نصف السكان. ووفقًا لبيغبيدير، فإن من بين ثلاثمئة مدرسة تتبع للسلطة الفلسطينية، تحتاج ثمانون إلى إعادة تأهيل، في حين دُمّرت 142 مدرسة بالكامل، و38 مدرسة يتعذّر الوصول إليها لأنها تقع في مناطق تمركز الجيش الإسرائيلي.
تُقام مراكز التعلّم الموقّتة في المدارس أو قرب مخيمات النزوح داخل خيام أو غرف جاهزة تفتقر حتى إلى النوافذ. ويقول بيغبيدير: «لم أرَ الجميع يجلسون مرتاحين قط، بعض الأطفال يجلسون على الأرض أو على الحصر، ويكتبون على ألواح أو حتى على قطعٍ من الحجارة أو البلاستيك». وتُقدَّم الدروس بنظام دوامٍ متناوب ثلاثة أيام أسبوعيًا لبضع ساعات صباحًا أو بعد الظهر، وتشمل ثلاث مواد فقط: الرياضيات، القراءة، والكتابة. ويشير بيغبيدير إلى أن الغاية هي عدم قطع الصلة بالتعليم لإبقاء الأطفال صامدين، معتبرًا أنه في سباقٍ مع الوقت لإعادة التعليم إلى صدارة الأولويات، فالتعليم وسيلة لإعادة التماسك الاجتماعي لأطفال يعانون جميعهم تقريبًا من الصدمات النفسية ويحتاجون إلى الدعم. وكانت الطبيبة حنان بلخي من منظمة الصحة العالمية قد حذّرت العام الماضي من أثرٍ هائل على الصحة النفسية للأطفال في غزة وتفشّي اضطرابات ما بعد الصدمة.

من جانبها، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الثامن عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عن إطلاق «العام الدراسي الجديد عبر الإنترنت» بهدف الوصول إلى مئتين وتسعين ألف طالب، غير أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صرّح أن الأونروا، التي أصبحت برأيه ذراعًا لحماس، لن يكون لها أي دور بعد الحرب. وقد حظرت إسرائيل عمل الوكالة متهمةً بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر، وهي اتهامات ردّتها محكمة العدل الدولية باعتبارها غير مستندة إلى أدلة.
ويؤكد بيغبيدير أن من أولويات اليونيسف السماح بدخول مواد البناء اللازمة لإقامة مدارس شبه دائمة، إضافة إلى مستلزمات التعليم التي لا تُعدّ ضرورية في نظر إسرائيل. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت مؤخرًا أن المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة ما زالت غير كافية، وأن الجوع لا يتراجع.

وأضاف: «الغذاء مسألة بقاء، أما التعليم فهو الأمل».

شارك المقال